|
اقتصاديات وقد عبر عن العلاقة بين الناتج المحلي الاجمالي ومعدل البطالة الاقتصادي الكبير (آرثر اوكين Arthur Okun) ويتجلى جوهر العلاقة حسب هذا الاقتصادي أنه عندما يتراجع (الناتج المحلي الاجمالي الفعلي) بمقدار 2٪ بالمقارنة مع الناتج المحلي الاجمالي المتوقع في ظل التشغيل الكامل للموارد فإن معدل البطالة يزداد 1٪، وهكذا تبدو العلاقة وطيدة وطردية بين الناتج ومعدل البطالة ويكمن سر ذلك أن الناتج يعبر عن النتيجة النهائية لعمل كل القطاعات الاقتصادية بجانبيها الخدمي والانتاجي خلال سنة واحدة. ويعبر من جهة اخرى عن المجموع التراكمي لكل من (الاستهلاك و الاستثمار والمشتريات الحكومية وصافي التعامل مع العالم الخارجي اي الفارق بين الصادرات والمستوردات) ولذلك فإن الطريقة المثلى لتقليل معدل البطالة هي استنفار كل القوى الانتاجية الكامنة في الاقتصاد السوري والانتقال تدريجيا من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الصناعي. وتعتبر البطالة بحد ذاتها معبرا هاما عن عطالة الموارد اي عدم استغلال المتاح منها بطريقة اقتصادية وتعظيم القيمة المضافة. وبالتالي من الاهمية الكبرى البحث عن الكيفية التي يمكن بها زيادة الناتج المحلي من خلال تفعيل عمل كل القطاعات الاقتصادية وتوجيه الاستثمارات الى المجالات التي تتناسب مع مواردنا المتاحة سواء من ناحية الثروة الزراعية والصناعية والاستفادة من موقع سورية الجغرافي والسياسي والتاريخي من خلال كونها مستقرا ومستودعا للمخزون التاريخي الحضاري العالمي باعتبارها بلد الابجدية الاولى وكل حضارات واديان العالم مرت على ارضها وبالتالي يجب ان تتحول الى شواهد سياحية مرموقة. اضافة الى قربها من دول الاتحاد الاوروبي وكونها المنفذ الاهم لهذه القارة على العالم العربي . ان موضوع البطالة اضافة الى اضرارها الاقتصادية الا انها ايضا تعتبر مشكلة اجتماعية قائمة بحد ذاتها وان اكثر المشكلات السياسية والاجتماعية تنشأ في البلدان التي تعاني من معدلات بطالة مرتفعة. وتزداد حدة النتائج السيئة المترتبة على ذلك بشكل اساسي في ارتفاع معدل الاعالة وخاصة اذا ما ترافقت مع معدل تضخم مرتفع ولقد عبر عن ذلك الاقتصادي الامريكي (سام ويلسون) عندما جمع بين (معدل البطالة ومعدل التضخم ) واطلق على المؤشر الناتج اسم معدل العناء الاقتصادي اي ان : معدل العناء الاقتصادي=معدل البطالة+معدل التضخم واذا كانت معالجة معدل التضخم تتوقف الى حد كبير على السياسة النقدية والمالية المعتمدتين الا ان معالجة مشكلة البطالة تتوقف على السياسة الاقتصادية العامة بجوانبها المتعددة من (نقدية ومالية واستثمارية.. الخ) وهذا يتطلب بالدرجة الاولى اعداد الخريطة الاستثمارية السورية وتفعيل الاستثمارات وتحويل المدخرات الوطنية الى قنوات استثمارية وجذب الاستثمارات الخارجية وفي مقدمتها الاستثمارات السورية العاملة في الخارج ويقدر بعض الاقتصاديين أن الاموال السورية العاملة في الخارج تعادل اضعافا مضاعفة من الدخل القومي السوري وبرأينا يجب ان تترافق الخريطة الاستثمارية بدراسات مبدئية وأولية للجوانب الاستثمارية وصياغتها على شكل مؤشرات اقتصادية تتضمن (الربحية المتوقعة من جراء اقامة المشروع-المزايا الاستثمارية المقدمة-الخدمات الانتاجية المتوفرة.. الخ). وكخطوة عملية يمكن ان نبدأ من المنطقة الشرقية لاقامة مشاريع زراعية وصناعية تتناسب مع الموارد المتاحة في تلك المنطقة او من المنطقة الساحلية باقامة مشاريع سياحية او صناعية وخاصة (التصنيع الغذائي) او من المنطقة الجنوبية.. الخ اذا ان تفعيل الناتج المحلي الاجمالي هو الطريق الاساسي لمكافحة البطالة ونقطة البدء تتجلى في معرفة مواردنا المتاحة واهدافنا المنشودة وتحديد الآلية الواجب اتباعها لتحقيق هذه الاهداف بتوفر شرطين اساسيين هما (احسن نوعية واقل زمن وتكلفة ممكنة) وان تتم دراسة مدى التوافق بين متطلبات سوق العمل وخبرات المنضمين الى هذه السوق بما يضمن امكانية قيامهم بالاعمال الموكلة لهم، وتفعيل كل القطاعات الاقتصادية من (عام-خاص-مشترك). |
|