|
شؤون سياسية لهذه المنطقة، وقد عرفت الدول الاستعمارية أهمية هذه المنطقة فتقاسمت النفوذ فيها منذ القرن التاسع عشر، فكانت بريطانيا موجودة على الجانب اليمني في باب المندب وموجودة على جزء من الساحل الصومالي الذي تقاسمته مع الدول الاستعمارية الأخرى فكان الصومال البريطاني والصومال الفرنسي والصومال الإيطالي، وذلك لأهمية هذه المنطقة في السيطرة علىخط التجارة الدولية عبر باب المندب والبحر الأحمر وعلى حركة الأساطيل والقطع البحرية من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي، وقد تنبهت إسرائيل مبكراً لأهمية هذه المنطقة وخاصة بعد أن أصبحت تسيطر على الحوض الشمالي للبحر الأحمر وشعرت بإمكانية تهديد مصالحها في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر خاصة بعد حرب حزيران عام 1967 عندما أغلقت مصر قناة السويس، لسنوات طويلة ثم في 6 تشرين عام 1973 عندما حاول اليمن إغلاق مضيق باب المندب لهذا تمت بعد سنوات عملية احتلال جزر حنيش اليمنية القريبة من باب المندب عام 1995 وحاولت إسرائيل استخدامها للأغراض العسكرية وأقامت عليها محطات مراقبة راداراية وتنصت لاسلكي، كما أن إسرائيل تحاول السيطرة على الحوض الشمالي للبحر الأحمر بالكامل وتخطط من عدة عقود لإنشاء قناة بحرية بديلة عن قناة السويس وذلك عن طريق قناة بحرية من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر تمر من جنوب فلسطين أو إقامة قناة أخرى من البحر الميت إلى البحر الأحمر على امتداد وادي الأردن، من هنا نرى أن إسرائيل تعمل لتفرض سيطرتها في هذه المنطقة وهي تقدر الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر، وأثره على الأمن القومي العربي وأمن الدول المتشاطئة عليه وعلى منظومة الأمن العربي الجماعي هذا بالإضافة إلى أن البحر الأحمر يعتبر حلقة الوصل بين منطقة الصراع العربي الإسرائيلي وشبه الجزيرة العربية والقارة الإفريقية والطريق إلى الخليج العربي، لذلك نجد أن إسرائيل لها حضور قديم في منطقة القرن الإفريقي وخاصة مع أثيوبيا منذ عهد الامبراطور هيلاسيلاسي وقضية يهود الفلاشا الذين نقلهم إلى إسرائيل، وقد منحت أثيوبيا لإسرائيل قواعد عسكرية في اقليم أرتيريا وتسهيلات في أرخبيل دهلك المشرف على باب المندب وقامت أرتيريا بعد استقلالها عن أثيوبيا بعقد صفقة استراتيجية مع إسرائيل حققت من خلالها إسرائيل مكاسب عسكرية على صعيد تقوية نفوذها في البحر الأحمر فقد أعطت أرتيريا لإسرائيل قواعد عسكرية في الجزر التي تمتلكها وهي دهلك وحالب وأبو فاطمة ولها أهمية باب المندب مقابل أن تقوم إسرائيل بتجهيز وتحديث الاسطول البحري الذي ورثته ارتيريا عن أثيوبياوتدريب عدد من العسكريين في إسرائيل ، وهذا ما أعطى قوة إضافية لإسرائيل وزاد من نفوذها العسكري في الحوض الجنوبي للبحر الأحمر، زد على ذلك تدخلها في جمهورية أرض الصومال بورت لاند التي أعلنت انفصالها عن الصومال منذ سنوات من جانب واحد ولم يعترف بها أحد فقد استطاعت إسرائيل أن تتغلغل اقتصادياً في هذه المقاطعة وتقدم مساعدات خدمية اقتصادية وأمنية مقابل حرية الحركة على شواطئ هذه الجمهورية مع القوات الأميركية والارتيرية، من جهة أخرى تقوم إسرائيل بتكثيف وجودها الاقتصادي والدبلوماسي في كل من أثيوبيا وأرتيريا وكينيا، وتتحرك باتجاه الصومال تحت غطاء إنساني. وما نراه اليوم من فوضى أمنية قبالة السواحل الصومالية وقدرة القراصنة على تهديد أمن المنطقة والتطاول على ناقلات وسفن الدول الكبرى ماهي إلا مسرحية تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها لإيجاد مبررات شرعية دولية وإقامة تحالف دولي شكلي يغطي وجود هذه الدول في المنطقة للسيطرة عليها وتعزيز وجودها العسكري ليلتقي مع الوجود العسكري المكثف في الخليج العربي لتصبح القرصنة مشروعاً يقوم به الكبار بدلاً من الصغار. |
|