|
عزف منفرد أمام هذه الجدية.. وهذه الحاجة نحن أمام مجموعة من الأفكار التي نحتاجها الآن كمحددات ترسم خطوطا دون أن تضع حدودا. أولا: الأفكار والحزب في السلطة.. هي أفكار تمت ممارستها وبالتالي تجريبها.. وغني عن القول.. إن الفكرة قبل تجريبها ومعايشتها هي غيرها الفكرة مع السلطة التي أتاحت فرصة قياس مدى واقعيتها وهي غيرها الفكرة التي عاشت في أجواء موجبات السلطة وضروراتها. فالفكر دون سلطة مشوب دوما ببعض الرومانسية.. بينما الفكر مع السلطة محكوم بكثير من الواقعية. ثانيا: وفي اعتقادي أن هذا ما ينبغي الحرص عليه في كل نقاش يدور, وضمن أي موضوع للتجديد يطرح.. ومختصره أن التجديد لا ينبغي أن يصل إلى حد الإدانة لمرحلة سابقة.. ففي هذا باب يأخذنا إلى إدانة ظالمة لا تحمل حتى بذرة من المنطق والصحة. بل.. كما هو واقع فإن هذا التجديد هو حالة طبيعية اقتضتها تحولات في العالم، منها ما كان لطيفا وتدريجيا.. ومنها ما كان عواصف مازال غبارها يملأ الكون ضجيجا وأخطاء. ومثل هذا الحرص على ألا نجعل من باب التجديد وطاولاته.. أبوابا لخروج عن المنهج أو حتى تجاوز بعض أركانه. ثالثا: عادة ما تسبق الأفكار, الأفعال.. والنظري يسبق العملي لكن في حالتنا فإن الإفعال سابقت الأفكار والتطبيق جاء قبل التنظير, ثم ها نحن نقوم بعملية مواءمة بين ما نقوم به وما تستلزمه الضرورة العملية دون النظر إلى المرجعية الفكرية. وفي هذا كثير من قصر للفكرة, ولكي لا تأخذنا هذه المواءمة للانحياز إلى الواقعي فإننا مطالبون بأن نقبل ببعض المسافة بينهما وقدر الأفكار أن يبقى جزء منها أحلاما نسعى إليها.. وقدر الواقع أن يعيش في سجن ضرورات لابد منها. رابعا: أكثر ما يثير الجدل في هذا النقاش الدائر والذي يتبدى لنا أنه يصل إلى لمسات أخيرة هو الجانب الاقتصادي, ومرد ذلك أن أهمية الاقتصاد تفرض نفسها أولا، وثانيا فإن ذلك أكثر تأثيرا على حياة الناس ما يستدعي الحذر فيه. والسؤال وعمره أكثر من 15 عاما كيف يمكن أن نوازن بين الاشتراكية وما قمنا به.. وبين ما وصلنا إليه من اعتماد اقتصاد السوق وإن كان اجتماعيا. ورغم أن الاشتراكية لم تكن واحدة أبدا, وإن أحزاب اشتراكية أوروبية تولت السلطة في بلدانها ولم تتعارض تطبيقاتها مع مبادئ اقتصاديات السوق.. إلا أننا في سورية وكما يحدث الآن فإن الاشتراكية تصبح أقرب وأكثر ما تكون (عدالة اجتماعية) هي الآن هدف بحد ذاته.. وهو هدف صعب أكثر مما نتوقع. خامسا: إن النقاش الحالي يلحظ ولا شك أن (السلطة حولت الحزب إلى هدف في ذاته فكثر الكم على حساب النوع) وهذا يستدعي النظر في النوعية والصدقية معا. سادسا: ثمة تغيير في مفهوم الحامل الاجتماعي لحزب البعث.. هذا التغيير حدث على أرض الواقع منذ التسعينيات على أقل تقدير عندما أصبحت مغازلة رجال الأعمال جزءا من سياسة اقتصادية. ويبدو أنه سيضاف إلى العمال والفلاحين وصغار الكسبة كما هو موجود في أدبيات الحزب.. رجال الأعمال.. لكننا نأمل أن يضاف إليهم رجال الأعمال (الكادحون)!! وأقصد الرأسمال الوطني الشريف. أخيرا: ما يحصل الآن هو فكر تجديد يفرض نفسه لتجديد الفكر وهي ثقافة بدأت منذ عدة أعوام ساهمت إلى حد كلي بالحض على طرح المبادرات الفكرية. وهو الآن بالنسبة لفكر البعث حيوية لازمة في زمن عز فيه الإيمان بالهم القومي. وعلى أي حال فإن الامتحانات الصعبة لمدى صلاحية هذا الفكر قد مر أكثر فصولها صعوبة لكنها لم تنته بعد. وقد ثبت أن إخلاص ممارسي الأفكار هو الذي يحدد قدرتها على النجاح.. وقتها يصبح بالإمكان الحديث عن فكر يملك سلطة أكثر من سلطة تتبنى فكرا. awad-af@scs-net |
|