|
مجتمع
اليوم فرحنا بهطوله وكسوته لجبل قاسيون ودمشق وكل ربوع الوطن بالوشاح الأبيض الجميل لكن هذا العام غير كل الأعوام، اليوم بدلنا أغنية فيروز (( تلج )) بأغنية ((خبطة قدمكم )) ومشينا تحت ذرات الثلج التي تتساقط فوق أرض بلادي لكن بحذر من قذائف هاون المحملة بالحقد والتطرف ولاتفرق بين طفل وشيخ، مشينا وعيوننا شاخصة على جنود وقفوا على حواجز تحمي أبناء الوطن، بجنود عاهدوا الله أن يدافعوا عن وطني وأهله حتى تتوحد الدماء مع تراب لطالما عشقناه منذ الأزل . لم يكن للسير تحت المطر تلك اللذة العارمة التي كنا نشعر بها دائماً لطالما بالماضي شعرت بالدفء كلما مشيت تحت المطر وتسارعت لمخيلتي ذكريات طفولتي ومدرستي وجامعتي وتزاحمت في رأسي أحلام وآمال وخيالات واليوم شعرت بالبرد يسري بين أضلعي.. تجمدت أطرافي.. لم يعد للسير تحت المطر والثلج أي نشوة تأخذني إلى عالم الخيال تسرقني من واقعي وأسير أسير لا أرى ما حولي.. أتوحد مع حبات المطر المتساقط.. أشعر أنني والمطر سيان نمتزج مع تراب أرض الوطن ويفوح عبق عشقي الأزلي له. اليوم لم تعد ذرات الثلج تشعرني بالدفء حتى، لم يعد لها ذاك السحر القديم اليوم وتحت الثلج تذكرت شهداء الوطن ودموع أمهات الشهداء وأبطال الجيش العربي السوري الذين يسطرون اليوم أروع البطولات بمواجهة الإرهاب والتطرف وآلة الحقد رغم كل الظروف وأحوال الطقس. تذكرت كل جندي يقف على الحواجز لمنع تسلل الإرهاب وخفافيش الظلام متحدياً البرد والصقيع واقفاً بقلبه الأبيض النقي كالثلج وإيمانه بوطنه ليرسم بسمات الفرح على وجوه الأهالي . تذكرت اليوم أبناء الوطن الذين شردهم حقد الإرهاب والتطرف، الذين نزحوا من بيوتهم قسراً من ظلاميين عاثوا فساداً وظلماً بحق كل الناس فمنهم من نعم بدفء تراب الوطن يضمه بين جنباته لينجو من وحشية الإجرام المتطرف الذي تركهم بلا مأوى يقيهم برد الثلج وبرد الأيام وبرد تآمر بعض العرب على الوطن وعليهم .. أطفال ونساء وشيوخ باتوا يتلحفون السماء ويفترشون التراب والثلج فوق رؤوسهم لا مأوى ولا ثياب تقيهم برد النهار لأنهم هربوا من منازلهم دون أن يأخذوا شيئاً، هرباً ممن يدعون أنهم حماة الدين وأهله. كلما ازداد هطول المطر ازداد انهمار الدموع من عيني حتى لم أعد أعي أدموعي تنهمر أم المطر؟ تذكرت المخطوفين في سجون الظلام الإرهابي النسوة والأطفال والشباب منهم من خطف في شهور الصيف ومنهم من خطف بالشتاء، وأتخيل كيف أن الثلج يزداد برداً داخل جدران السجن المتجمدة.. الخالية من المشاعر، فهي وقلب السجان واحد . ويبقى أمل بنصاعة الثلج ووسامة الشهداء، يلف الوطن بالخير وبركات السماء، فما صعد من الوطن إلى السماء يستأهل خير الدنيا يُبسط على أرض الوطن ... من أجل سورية . ولعل وعسى تغار بعض القلوب من بياض الثلج المتساقط على أرض بلادي وتغسل به السواد الذي سكنها بسواعد أبطال الجيش العربي السوري وأبناء الوطن الشرفاء . |
|