|
البقعة الساخنة رغم الحضور الأميركي المكثف والمؤثر وعلى مختلف المستويات في هذه المنطقة منذ ما يزيد على نصف قرن إلى اليوم، ورغم الانضواء الأوروبي إلى حد ما تحت الراية الأميركية في الفترة ذاتها. الكفة الأوروبية راجحة لأن مقومات الرجوح مغرقة في التاريخ وتمتد إلى المستقبل, ولأن هذه المقومات ليست صنعية أو مكتسبة بالكامل، بل إن جزءاً كبيراً منها يقوم على ما لا يتغير عادة من تواصل الجغرافيا والتاريخ وبدهياتهما التي توطن مقداراً أكبر من التقارب والاتصال. أوروبا مهمة جداً في الأجندة العربية، سياسية كانت أم اقتصادية، ويستطيع كل قارىء للحدث الراهن أو التاريخي أن يكتشف هذه الأهمية وأن يضع تصوراً لما ينبغي أن تكون عليه بالنسبة إلى طرفي العلاقة... اليوم كما في الأمس، تدرك أوروبا أهمية حضورها المتواصل في المنطقة العربية, وتدرك أكثر ضرورة أن يكون هذا الحضور متوازناً ومتكافئاً وحوارياً فقد ولّت عصور الاستعمار والهيمنة وحلّت مكانها وسائل اتصال أكثر رقيا وحضارة، وأكثر استقبالاً وقبولاً.. أولها الحوار! والمنطقة العربية بدورها جادة، في تعميق أهمية العلاقة وتوطين مقوماتها مع أوروبا، رغم المزاحمة الأميركية الواضحة، ورغم محاولة ربط نهايات خيوط اللعبة كلها إلى ما وراء المحيط الأطلسي، غير أن المنطقة العربية تظل عاجزة عن إنجاز المهمة كاملة إن لم تكن أوروبا على مقدار مساو من الاستعداد والتكافؤ من جهة، وعلى مقدار أكبر من الإنصاف والإرادة من جهة ثانية مع وجود إسرائيل كقوة معطلة وكابحة. بين يدي أوروبا اليوم فرصة مجاراة التوجه العربي نحوها، والذي تقوده سورية بكفاءة عالية وأداء متوازن، على أن يكون منتصف الطريق بينهما موقفاً عادلاً ومنصفاً تجاه ما يعانيه العرب في مواجهة العدوان الإسرائيلي على أرضهم وحقوقهم، موقف يسمي الأشياء بمسمياتها ولا يخلط بين القاتل والضحية، ويكشف عن عزم أوروبي حقيقي، في إشاعة أجواء السلام والاستقرار في المنطقة العربية. |
|