تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


امــــرأة وقصيـــدة

ثقافة
الأربعاء 29-4-2009م
سوزان ابراهيم

صار عمر الغياب أحد عشر عاماً، حزنت في غيابه امرأة وقصيدة، وهو الطفل الذي ظل يلعب على ورق الكتابة، فكان الأجدر بالاقتراب منهما ودخول عوالمهما السحرية.

نزار قباني الذي اعتبر كتابة القصيدة بشكل مختلف، مغامرة المغامرات لأن كل عمل عظيم في الأساس هو مغامرة.‏

قيل يطلب الرجل المرأة لأنها لعبة خطرة وثمرة في منتهى حلاوتها مرارة، ولذلك يغامر.. هل كان نزار يدري بتلك المغامرة، فحافظ على براءة الطفولة ليكون انتصاره في خوض مغامرة اللعب مع المرأة والقصيدة مؤكداً! وهكذا لم يكن مضطراً لكسر أبوابهما فالمفاتيح بحوزته.. كن طفلاً تكن لك المرأة أماً حنوناً، والقصيدة ملعباً تحقق في مرماه أهدافك.‏

كره نزار سجن المرأة والقصيدة وقال: أنا لا أخاف على القصيدة من الخروج في الليل وحدها ولكنني أخاف عليها من الجلوس خلف الأبواب المغلقة إلى أن تصبح عانساً.. إنني ضد سجن القصائد مثلما أنا ضد سجن النساء فكم كثرت عوانسنا في غيابك نزار!‏

لعل سر نزار يكمن في رقته -ولا تحب المرأة والقصيدة شيئاً أكثر من الرقة- كان يعلم أن «من طبيعة الأشياء أن يكون الشاعر رقيقاً وإلا كان عليه أن يصبح مدير بوليس!» ولأن الطفولة تقتضي الصدق، أكد نزار أن الموضوعية المطلقة في الأدب شيء مستحيل، ولا يمكنه أن يتصور الناقد أنبوباً في مختبر، أو عدسة في مجهر لاتنفعل بما ينطبع عليها، إذ لا بد لنا أن نحب أو نكره، أن نبارك هذه القصيدة أو نلعنها، أما الوقوف في منتصف الطريق مثل سيارة مفككة، فهو إلغاء لإنسانيتنا وحرية اختيارنا، وهبوط بنا الى مستوى الحجارة والطحالب!‏

طفل، لعب، رقة، كره السجون، عدم الوقوف في منتصف الطريق.. تلك كانت مفاتيح نزار إلى عالم المرأة والقصيدة ، لذلك ما زالتا تخلدانه، أليست الطفولة سر أمومة المرأة، ألا تتهم المرأة بالتطرف العاطفي والعيش في الخيال، ألا تكره الأبواب المغلقة، ألا تعشق المغامرة، إذاً كيف لا تحزن على رحيلٍ معطر بياسمين دمشق؟. Suzani@aloola.sy

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية