|
وبالتالي إطلاق رصاصة الرحمة على مهنة تراثية عرفتها دمشق منذ مئات السنين.وسيكون الهدم والإخلاء سيكون وفقاً لأحكام قانون الاستملاك 232 لعام 1956 والقاضي بمنح تعويض مادي دون تأمين البدائل الأخرى. وباءت تحركات الحرفيين واتحادهم لدى المرجعيات المختصة لغاية الآن بالفشل الذريع لأن القوانين الوضعية لا تتناغم مع الواجبات الأخلاقية.
شهر للإخلاء في العاشر من تموز الماضي وجهت المحافظة إنذاراتها لشاغلي الورش الحرفية الواقعة على العقارين 2056 و2062 مسجد الأقصاب على طريق سقبا-عقدة عين ترما بالاخلاء خلال شهر كامل. وتشغل هذه الورش مساحة بناء 3500 م2 وإن مهلة الإخلاء نهائية وغير قابلة للتجديد بموجب أحكام قانون الاستملاك المذكور تحت طائلة تخفيض قيم الإخلاء والهدم فور انقضاء المهلة دون أن تتحمل المحافظة المسؤولية الناتجة عن الإجراء. وغاية الإخلاء إحداث طريق تخديمي مؤقت لأجل تنفيذ عقدة عين ترما على المتحلق الجنوبي.
مع الإخلاء ولكن أجمع الحرفيون الذين التقيناهم في الورش أن منشآتهم عبارة عن مخالفات جماعية شيدت منذ سبعينيات القرن الماضي ولديهم سجلات صناعية وتجارية وحرفية ويسددون كافة الالتزامات المالية المترتبة عليهم. وقال رئيس الجمعية وليد وهبة إن مهنة الصباغة والنسيج تعد من المهن التراثية في العالم وفي معظم الدول تحظى بالحماية وإن أنوالها ومعداتها تعود إلى حقبة العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي. ويعمل فيها أكثر من 150 عاملاً يعيلون 150 أسرة وفي حال الإخلاء دون تأمين البديل فإن مصير هؤلاء..المجهول. وتساءل وهبة لماذا عمدت المحافظة الى إبلاغ الجمعية الحرفية سابقاً أن المحضرين اللذين يضمان الورش خارج الهدم وفق كتب رسمية وليست بحاجة لاستملاكهما لتكون المفاجأة في العاشر من تموز إنذارات إخلاء بالجملة.
هاجس القلق وكان الحرفيون قد استشعروا بالقلق من التنظيم والاستملاك منذ سنوات وطالبوا المحافظة 2006 بتخصيصهم عقار في كتل الزبلطاني المدعمة كونها وجدت أساساً للحرفة وإن تعذر ذلك منحهم موقعاً في أي مكان ترتئيه المحافظة خشية تعرضهم للإزالة والإخلاء كما حدث حالياً. إلا أن المحافظة اعتذرت بداية عن تأمين الموقع البديل كما اعتذرت عن تلبية طلبهم بالتخصيص في الكتل المدعمة لأن أحكام قانون الاستملاك 232 لعام 1956 تنص على منح المنذرين بالهدم تعويض إخلاء وإن المعامل الشاغرة في الكتل المدعمة ستطرح بالمزاد العلني كإيجار على بدل الفروغ..وهذا كله قبل الاستملاك. وتدخل الاتحاد لدى مرجعياته المختصة لطلب تخفيف المعاناة عن حرفييه بتأمين البدائل إنقاذاً للمهنة ومن الضياع ولحماية الحرفيين. أبواب المحافظة موصدة وأكد الحرفيون الذين التقيناهم وكما ورد في الشكاوى المقدمة لكافة المرجعيات أن محافظة دمشق تعاملت بسلبية مفرطة. وحاولوا لقاء المحافظ عدة مرات دون جدوى وحتى المديرين المعنيين رفضوا الاستماع لتظلماتهم أو استلام أي مذكرات من قبلهم. وحسب أمين سر الجمعية أسامة هنون يستحيل تنفيذ الإخلاء في شهر واحد وإن فك الأنوال ونقل المعدات والمواد الأولية وباقي التجهيزات يحتاج لثلاثة أشهر على الأقل? وتساءل عن الموقع الجديد الذي ستوضع فيه وهل هو الشارع?. وكانت جمعية الشيخ قد جردت 100 معمل شاغر في كتل الزبلطاني المدعمة وتستوعب أضعاف الورش التي سوف تهدم مقراتها لتنفيذ الحل المروري المؤقت إلا أن المحافظة كمرجعية إدارية ترفض منحهم البدائل لأن هذه المحال ستطرحها للمزاد العلني. ولدى الطلب من المعنيين بإعطاء المنذرين مزايا تفضيلية في المزاد المذكور رفضت المحافظة الطلب لأن التعويض المادي يمثل روح قانون الاستملاك? حاولنا ولكن وفي اتحاد الحرفيين أكد نذير الكردي رئيس الاتحاد أنه طلب شخصياً من وزير الإدارة المحلية والمحافظ في اجتماع 9/7 الماضي النظر بعين العطف لواقع حرفيي النسيج لجهة الاستملاك والهدم وضرورة نقلهم الى مكان ملائم ضمن الكتل المدعمة بالزبلطاني أو أي موقع ترتئيه المحافظة. إلا أن جواب المحافظ كان الاعتذار لأن القوانين لا تسمح بذلك ثم طالب رئىس الاتحاد بإجراء المزاد العلني للمحال الشاغرة ضمن مهلة الانذار كي لا يتشرد الحرفيون ووعد المحافظ بتحقيق هذا الطلب. والى الآن مهلة الإنذار انقضت والمزاد لم يعلن وما زال هاجس المجهول يتربص بالمنذرين بالهدم. القانون لا يقدم بدائل وبدورنا حاولنا سبر أغوار المحافظة وتبين أن المعنيين فيها يتمترسون خلف نص قانون الاستملاك. وأكد مدير الاملاك محمود مالو أن نص القانون صريح لجهة منح الشاغلين تجارياً تعويض إخلاء فقط دون البدائل الأخرى وهذا ما سينفذ قريباً. ولدى مواجهته بوجود خرق للقانون المذكور منذ عام 1993 حين منحت المحافظة 9 منشآت حرفية ملاصقة للمنشآت المنذرة حالياً والتي هدمت لأجل مشاريع خدمية مواقع بديلة في كتل الزبلطاني المدعمة أجاب: تم إعطاء أولئك البديل بموجب نقل فاعلية كإجراء إداري عمدت إليه المحافظة بعد موافقة الوزير المختص. ولماذا لا يطبق هذا الإجراء حالياً في ضوء وجود المعامل الشاغرة? يقول مالو: منذ عامين حاولت المحافظة تطبيق هذا الإجراء..لكن الوزارة لم توافق عليه وحتى منح الحرفيين مزايا تفضيلية في المزاد العلني المزمع إجراؤه مخالف للقانون بموجب فتوى من مجلس الدولة. إجراء مع وقف التنفيذ وفي دائرة الاستملاك بمديرية التنظيم والتخطيط العمراني قالت سلمى العمري إن الإنذارات وجهت بعد إعداد ضبط التحقيق الأصولي وبموافقة المحافظ واقترحت المديرية على مديرية الاملاك منح الحرفيين المنذرين محال بديلة كإجراء إداري بنقل فاعلية مع توفر البدائل وبعد موافقة الوزارة..وهذا ما بدده مدير الأملاك بقوله لن يحصل أبداً والتعويض فقط سيتم. معيار مزدوج وكما أكدنا نص قرار المحافظة 629 لعام 1993 على منح 9 منشآت هدمت بدائل في كتل الزبلطاني وهي ملاصقة للورش المنذرة حالياً. وإن المحضر 2062 خاضع للتنظيم ورغم ذلك استملكته المحافظة لكنها تمتنع عن تنفيذ ما تم تنفيذه منذ خمسة عشر عاماً كما أكد الحرفيون. ضياع حرفة وجد التنظيم الحرفي لحماية المهن التراثية من الانقراض ولا سيما التي اقترن اسمها بدمشق من شبح وغيره..وأمام فشل الاتحاد في حماية الحرفيين عوضاً عن تشجيعهم ورعايتهم ماذا نقول عن مهنة ضاربة بالقدم ويقتات مزاولوها بإنتاجها اليومي وعمر معداتها يزيد على المئة عام.. إن واقع الحال ينبىء برميهم إلى قارعة المجهول والبحث عن مصادر عيش أخرى. هل العيب بالقانون? لسنا ضد تجميل وتحسين العاصمة..لكن دون أن يتم على حساب معيشة صغار الكسبة كما صنفهم المرسوم 250 لعام 1969 وهم الحرفيون. وبما أن قانون الاستملاك 232 لعام 1956 وضعي وعانى مئات الآلاف من سهامه القاتلة نسأل وبعد المسح الاجتماعي للمحافظة كيف تعتبر 33 ورشة حرفية محال تجارية مع أنها مرخصة صناعياً وتجارياً وحرفياً وإدارياً ويسدد مزاولوها كافة الرسوم والضرائب. وهل سيكون التعويض عن الإخلاء والهدم بعد تعذر البدائل يتلاءم مع طبيعة الظروف الراهنة أم سيكون على أساس ظروف خمسينيات القرن الماضي. أم نكتفي بفن إدارة الأزمات من حل واحدة هنا وخلق أخرى هناك?!. |
|