تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هآرتس.. حزب العمل و عرقلة مساعي السلام

ترجمة
الأحد 17/8/2008
ترجمة: ريما الرفاعي

من يشاهد إيهود أولمرت وهو يقبل محمود عباس, فقد لا يظن أنه يحاول الوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين على أمل إنقاذ نفسه من لائحة اتهام جنائية.

وعندما يرسل رئيس الوزراء مساعديه إلى تركيا بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مع سورية. يصعب التأكد من مقولة أن «عمق الانسحاب سوف يعادل عمق التحقيق الذي تجريه معه الشرطة. وبما يصح الاعتقاد أن أولمرت يتمسك بالعملية السياسية بعد أن أدرك أهمية نجاحها والثمن الذي قدندفعه بسبب فشلها.‏

ستمضي بضعة أسابيع حتي يتمكن الزعيم الجديد لحزب كاديما من تشكيل حكومة جديدة. وإذا لم ينجح في ذلك, فستمضي شهور أخرى حتى تشكل الحكومة الجديدة في الكنيست الجديد, بينما التطورات في المناطق الفلسطينية ولبنان تبدو غير منسجمة مع الجدول الزمني السياسي في إسرائيل (لاحظوا تعزيز قوة حماس وتسلح حزب الله) والخلاصة أن أولمرت هو الشخص المتوافر حالياً ومعه, إضافة إلى الآخرين ينبغي علينا مواجهة المتشددين من كلا الطرفين. لقد تحول أولمرت بعد إعلان عزمه الاستقالة إلى ما يشبه القائم بالأعمال المؤقت لرئيس الوزراء. ورغم أن لديه صلاحيات قانونية رسمية كاملة لإجراء المفاوضات. إلا أنه يفتقر إلى الشرعية الشعبية والأخلاقية لترسيم الحدود والتنازل عن الأرض.‏

ومن ناحية الشكلية, فإن حزب العمل هو المرشح الطبيعي لسد هذا الفراغ. والوثائق المحفوظة في ملفات المفاوضات التي أجراها إيهود باراك مع ياسر عرفات تشبه التفاهمات بين أولمرت ومحمود عباس. وكل من لهم صلة بالمفاوضات مع سورية يتوقعون أن يكون أي اتفاق سلام مع دمشق يشبه الوثيقة التي عرضها كلينتون على فاروق الشرع وأيهود باراك في شيبردز تاون عام 2000.‏

على كل حال, فإن الوزير باراك مع الوزير عامي ايالون اللذين كانا وراء اتفاق »ايالون - نسيبة« ويولي تامير الناشط السابق في حركة السلام الآن, يذكر بمشاركة حزب المتقاعدين في هذه الحكومة.‏

هذا هو حزب العمل الذي ساعد في تقديم الفلسطينيين إلى العالم كشريك في عملية التفاوض وفي إنشاء السلطة الفلسطينية, قدم الغطاء إلى ارييل شارون للانسحاب من قطاع غزة دون مفاوضات, وأسهم في اضعاف السلطة الفلسطينية فيما بعد. ومنذ أن قام إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني بالالتفاف 180 درجة على مواقفهما السابقة, وتبنيا سياسة التفاوض مع الفلسطينيين وتعزيز قوة السلطة الفلسطينية, اكتفى حزب العمل بدور المشاهد, ولم يطالب حتى باشراك أحد وزرائه الرئيسيين في المفاوضات مع الفلسطينيين ولم يعلن موقفه في القضايا الجوهرية.‏

حزب العمل لا يكتفي بعدم التدخل في المفاوضات وعدم المساهمة فيها, بل إنه يقوم بعرقلة مساعي إعادة بناء ثقة الفلسطينيين بالخيار الدبلوماسي. وتحت إشراف رئيس حزب العمل وزير الدفاع وقوات الجيش الإسرائيلي في الضفة, تمكن المستوطنون من توسيع مجالهم الحيوي على حساب حرية حركة الفلسطينيين حيث لا توجد أي مستوطنة, غربي الجدار أو شرقه لا تشهد نهضة عمرانية هذه الأيام.‏

وقد تحدث نائب رئيس الوزراء حاييم رامون في جلسة للكنيست أواخر شباط الماضي عن كرافانات إضافية أدخلت إلى بعض البؤر الاستيطانية غير القانونية بعلم الإدارة المدنية التي لا تقوم بتطبيق القانون.‏

وكان المتوقع أن يصر حزب العمل على أن تنفذ الحكومة أحد الفقرات في برنامجها الأساسي تلتزم فيه بالعمل على الوفاء بالتزامات وقرارات حكومية سابقة فيما يتصل بقضية البؤر الاستيطانية. وقال رامون في تلك الجلسة إننا كنا سنسعد كثيراً لو تم التوصل إلى تفاهم لحل المشكلة بطرق غير عنيفة, ولكن إذا لم يكن هناك من خيار آخر فينبغي على الحكومة أن تفي بالتزاماتها في آخر الأمر قانونياً وسياسياً.‏

وعندما يعمد الشخص الذي يدعي أنه امتداد لعهد اسحاق رابين إلى تأجيل موعد تنفيذ القانون في هذه المسألة المرة تلو الأخرى, عندئذ يصعب توجيه الانتقادات لرامون من حزب كاديما الذي وعد الكنيست قبل نصف عام بأن تقوم اللجنة الوزارية التي يرأسها (لجنة لتطبيق توصيات ساسون) بالحد من الفوضى في بناء المستوطنات وإصدار قوانين جديدة تنظم عملية البناء في الضفة الغربية خلال شهر أو شهرين.‏

في الواقع. يصعب علينا أن نفهم سبب تحول حزب العمل إلى حزب غريب عن العملية السياسية التي طالما دافع عنها ورفع رايتها في الماضي. هذا الحزب سيدفع ثمن خيانته لعملية السلام من خلال صناديق الاقتراع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية