|
معاً على الطريق ففي بداية مرحلتي الدراسية الإعدادية تلقفتني مجموعة ازدرت أمات الروايات العالمية التي كنت أقرؤها, وأمدتني بدلاً عنها بمجموعة كتب مهمة لكنها لا تناسب بزخمها وعددها متطلبات تلك المرحلة العمرية, ما جعلني بعد قرابة العام أنكص إلى المجلات المصورة بحبكات عشقها المشوقة, إنما السطحية. هو العشق الذي لفتني إلى (عاشق من فلسطين) لأستعيد من بعد هذا الديوان سكة الحياة والثقافة الصائبتين, سكة الجدية دون صراخ أو جهامة, سكة الوطنية دون قطع مع الغنائية ومع الاحتفاء بمسرات الحياة, سكة البهجة دون غفلة, بل إنني وبفضل محمود درويش وغيره من المبدعين الكبار التقطت الصلة الوطيدة بين صلابة الوطن ورهافة الفرد. التقط محمود درويش الأساس, فصاغه بفن ودقة جوهرجي بارع يصقل الوجوه المتعددة لماسته دون أن يمس حقيقة جوهرها.. فخدم قضيته وتمكن أن يرسو بها على شواطئ كانت تبدو نائية مستغلقة وقصية, ما دفع بجريدة رصينة ذات مصداقية مثل (اللموند) الفرنسية أن تستعيد مقاطع مطولة من قصائده وحواراته وفيها يصب جام غضبه على الاحتلال الإسرائيلي لأنه يشن حروبه العدوانية على فلسطين أرضاً وإنساناً وأحلاماً وبيوتاً وأشجاراً, ينتهي الاقتباس ليتابع الناقد الفرنسي القول والربط (نعم فلمحمود درويش عدو واحد وحيد: الكراهية). يالجمال الإبداع والمبدع كيف استطاع أن يوحد في ذهن المتلقي الغربي بين الإسرائيلي والكراهية, كيف استطاع أن يجدل في خطابه الصلابة دون قسوة, الوطنية دون انغلاق, الإنسانية دون إفراط أو تفريط, إنه محمود درويش دون دروشة أو عجرفة, إنه معجزة الالتزام. dianajabbour@yahoo.com |
|