|
شؤون سياسية فقد بدأت البشرية تشهد منذ ثلاثة أعوام وحتى اليوم ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية وبلغ الفقر حداً أصبح معه مئات الملايين في أنحاء العالم في حكم الموتى, حيث تشير التقارير إلى أن أكثر من مئة مليون شخص مهددون بالموت جوعاً في العالم ولقد أكد دومنيك شتراوس أحد مديري صندوق النقد الدولي عن النمط الذي أدى إلى الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية على أنه (النمط) قد يقضي كلياً على جميع المكتسبات التنموية التي تحققت خلال السنوات الخمس أو العشر الماضية . فهنا بيت القصيد الأساسي وليس مئات الملايين الذين سيموتون جوعاً! وإذا كان بعض المحللين السياسيين والاقتصاديين الذين وقعوا في سحر العولمة يعزون ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع أسعار النفط الجنوني, ويحملون الدول الفقيرة مسؤولية ذلك , فإننا نرى أن السبب الأساسي لهذه الأزمة, يكمن في السياسات الأنانية للمصارف المركزية الأوروبية والأميركية وللسياسة الحمقاء التي اتبعتها واشنطن وحلفاؤها في العالم بالحروب التي شنتها والتدخلات السافرة في السياسات الاقتصادية لمعظم دول العالم لفرض الخصخصة والعولمة, بالإضافة إلى سياسات سباق التسلح التي تقوم بها والتي دفعت بمعظم دول العالم لاستيراد السلاح والتركيز على التسلح ما انعكس سلباً على الغذاء وتوفيره إضافة إلى توجه الدول الرأسمالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية نحو إنتاج الوقود الحيوي أي إنتاجه من المحاصيل الزراعية الغذائية الحالية والتي بدأت تبشرنا بأزمة مجاعة عالمية كما حدث عام 1919 والتي كانت السبب الرئيسي للحرب العالمية الثانية. فكما تشير التقارير أن (تسونامي) الغلاء والجوع ضرب حوالي مئة مليون إنسان, وكما أكدت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الفاو أن أعمال الشغب والاجتماعات في العالم ستزداد لمواجهة هذه الظاهرة مشيرة إلى أن 37 دولة تواجه أزمات غذائية, ولقد بدأت الكارثة تدب بنا نحن العرب. بالرغم من كوننا سلة العالم للغذاء , فقد زادت أسعار الحبوب والخبز بنحو 50% إلى جانب الارتفاع الكبير في جميع السلع الأخرى , وتدل الوقائع أن الأزمة إلى تفاقم في العديد من البلدان الفقيرة حيث زاد معدل الوجبة الواحدة نحو 40% للشخص في الدول النامية وملايين الأشخاص باتوا في فقر مدقع وبؤس لا يجدون ما يسدون به رمقهم وتسعى المؤسسات المالية الدولية إلى حجب حقيقة المآسي التي يشهدها العالم حالياً فتارة تسوق لنا حجة التغييرات المناخية أوتشكو تارة القضاء والقدر, والحقيقة أن السبب الرئيسي كما نعلم هو جشع أصحاب رؤوس الأموال في العالم وسياسات البنك وصندوق النقد الدوليين الذين فرضوا على البلدان النامية التخلي عن الزراعات الغذائية المعيشية من أجل التوجه نحو زراعة المواد الأولية وهذا كله بتوجيهات واشنطن وشركائها في أوروبا. وبالتالي إذا استمر بقاء المصادر محددة المياه والقضاء على التوازن في الإنتاج الزراعي فإن بقاء الإنسانية مهدد بنضوب الكرة الأرضية واندلاع حروب الجوع وهذا دليل جديد على فشل العولمة الرأسمالية من خلال بروز كبير لشبح مجاعة جديدة وهو يعد أحد الأركان الرئيسية للسياسة الأميركية التي تستخدمها وسيلة ضغط على الدول التي لا ترقص على النغمة الأميركية ولا تستجيب لتعليمات واشنطن وحلفائها الأوروبيين, حيث تحاول الدول الرأسمالية المسماة (الثماني) ذر الرماد في العيون من خلال عقد اجتماعاتها لمحاولة حل أزمة الغذاء العالمية لأن الحقيقة الساطعة أن الدول الرأسمالية هي منبع الأزمة والسبب الرئيس فيها وهي التي تديرها متجاهلة أفواه الجياع في العالم من شيوخ وأطفال ونساء فكيف لمن يتلذذ بقتل الأطفال والنساء والشيوخ وحرقهم بالقنابل والصواريخ أن يرف له جفن لسماع صوت طفل جائع?!. إن الحل بأيدينا نحن الشعوب النامية من خلال توجهنا إلى التخلي عن التبعية للدول الرأسمالية واختيار سياسات اقتصادية تنموية تنسجم مع واقع شعوبنا ودولنا وإقامة التكامل بين دول العالم النامي وتقديم التسهيلات والاستثمارات والتعاون بعيداً عن وصاية الدول الاستعمارية والواقعة في سحر العولمة المتوحشة واختيار التنمية الشاملة ومحاربة كل أنواع الهدر والنهب واقتلاع الطفيليات التنموية كلها بجميع ألوانها وأطيافها والاهتمام بالمسألة الزراعية أولاً ودعم العاملين فيها لأن من يملك رغيف خبزه يملك قراره السياسي ومستقبل بلاده ويكون قادراً على مواجهة عاديات الزمن. |
|