تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وفود إسرائيلية في واشنطن.. والهم إيران!!

شؤون سياسية
الاثنين 18/8/2008
توفيق جراد

على خلفيه تعدد الحروب التي شنتها إسرائيل على الفلسطينيين ودول الجوار العربي, ثمة من يعتقد أنها ( ممنهجة) في دوريتها, إذ الفارق الزمني بين كل حرب وأخرى,

في المشهد العام, هو عشر سنوات, ينزلق أحياناً إلى سبع, ولهذا العدد مكانته في ما يعرف ب ( التراث اليهودي) وحتى عند أصحاب ديانات أخرى كتابية كانت أو غير كتابية.‏

وعلى خلفية واقع يعيشه الإسرائيليون على (أسنة) حرابها, طورت بنية تحتية نفسية اجتماعية من المعتقدات والمشاعر حول الصراع, سرعان ما تحولت إلى جزء من ثقافة الصراع على مايقوله البروفيسور( دانئيل بار تال) المختص في علم النفس السياسي, في كتابه ( العيش مع الصراع) أثير في إسرائيل, وبعد حرب تموز 2006تراه متجدداً في ضوء الأزمة الأميركية مع إيران, السؤال التالي: من الذي يهز الآخر, هل الكلب هو يهز ذيله, أم أن الذيل هو الذي يهز الكلب? وإذا كان الشق الأول من السؤال يعبر عن ظاهرة فيزيائية أو عصبية, فإن الشق الثاني ذو دلالة سياسية, يحتاج التوفيق بين الحالتين إلى اختصاصيين في علم النفس والاجتماع السياسي, على أية حال فالسؤال لم نجترحه إطلاقاً, وهو موجود في الثقافة الأميركية, whowags the tail وأهلها مشهورون باستخدام الرمزيات, وعند طرحه في السابق كان يشير, سياسياً, إلى العلاقات الحميمية الذيلية بين بريطانيا والولايات المتحدة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية, وتحديداً بعد العدوان الثلاثي على مصر عام ,1956 ومن تجلياته قرار بريطانيا في عهد حكومة هارولد ويلسون في عام 1968 إغلاق قواعدها الكائنة إلى الشرق من قناة السويس, لتحل محلها الولايات المتحدة, وهو قرار كانت مبرراته مالية.‏

والصورة الذيلية إياها التي تتكرر الآن مع إسرائيل وعلاقاتها مع الولايات المتحدة, والتي تطورت من عميل إلى وكيل, فحليف ثم إلى كيان أميركي متوضع في الشرق الأوسط يفعل ما يطلب منه, وإذا كان السؤال قد طوّر في إسرائيل مجالاً للبحث يتناول مسألة العلاقة, راهناً, بين المؤسستين العسكرية والسياسية, بمعنى أيهما يقود الآخر? فإن الدراسات الإسرائيلية في هذا الشأن تتحدث, ومنذ عهد بن غوريون, عن أن المؤسسة العسكرية التي توصف بكل تفرعاتها ب (بوتقة الصهر) هي صاحبة الريادة في كل شيء, فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في ضوء الزيارة التي قام بها أصحاب القرار في الحكومة الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة مؤخراً, بقصد البحث مع المسؤولين هناك في احتمالات أن تكون هناك حرب أميركية على إيران? أم أن الولايات المتحدة التي استقبلت بداية رئيس الأركان الجنرال غابي أشكنازي سوف تعهد بالأمر لإسرائيل بعد أن حصلت الأخيرة على ماذكرته نيويورك تايمز قبل أيام من الزيارة, على ضوء( كهرماني) من الولايات المتحدة يفترض أن يكون قد وضعها في حالة استنفار دون القصوى ومابين الكهرماني والضوء الأصفر اضطر وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك إلى القول إن (إسرائيل لن تهاجم إيران ولكن كل الخيارات على الطاولة) بيد أن البروفيسور أنطوني كوردسمان, أحد كبار الباحثين الأميركيين في مجال الأمن القومي, قال في محاضرة ألقاها يوم 7 تموز 2008 في »معهد الأمن القومي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب إن الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية سيكون » خطوة خطيرة جداً من شأنها أن تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط), وأوضح أن الزيارة التي قام بها رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الأدميرال »مايك مولين) إلى إسرائيل لم تكن زيارة عادية ونقل للمستوى القيادي في إسرائيل رسالة واضحة جداً, مفادها أنه »لايوجد ضوء أخضر لإسرائيل ولن تحصل على مساعدة الولايات المتحدة في شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية).‏

وشاطر كوردسمان الرأي البروفيسور إفرايم هاليفي, الرئيس السابق للاستخبارات الإسرائيلية »الموساد) محذراً, في حديث مع مجلة » تايم) الأميركية, من أي هجوم قد تشنه إسرائيل على إيران من شأنه أن يؤثر على إسرائيل لمئة سنة مقبلة وهكذا فإن إسرائيل سوف تستثنى من المشاركة في العدوان على إيران أسوة بالموقف الذي فرض على إسرائيل أثناء حرب الخليج الثانية 1991 حتى لايكون هناك اهتياج شعبي في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ضدها لدورها في الحرب على بلد مسلم?.‏

لقد كانت إسرائيل الرابح الوحيد من تلك الحرب ومن الحروب التي شنت لاحقاً على العراق, وهي الرابح الوحيد الآن ومقدماً بعد أن تلقت تعهداً أميركياً بربطها بالأقمار الصناعية الأميركية المخصصة للتجسس, وبعد أن قدمت وزارة الدفاع» البنتاغون) إلى الكونغرس طلب إسرائيل شراء أربع سفن قتالية ساحلية على الأقل, بالإضافة إلى معدات قطع غيار عسكرية تقدر قيمتها ب 1,9 مليار دولار وقالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التي تشرف على مبيعات الأسلحة في طلبها (17/7/2008):إن من المصلحة الأميركية مساعدة تل أبيب على تطوير وصيانة وتقوية وجاهزية القدرة على »الدفاع عن النفس), رغم ما لهذا المصطلح من شروط وضعها القانون الدولي وخاصة ميثاق الأمم المتحدة والمادة ال 42 منه.‏

ليس من شك في أن الشأن الأمني-العسكري كان متصدراً جدول أعمال الوفد الإسرائيلي الذي ضم لاحقاً وزير الحرب إيهود باراك, والذي وصفت صحيفة يديعوت أحرونوت زيارته بأنها »تنطوي على أهمية استراتيجية خاصة) (المشهد الإسرائيلي 29/7/2008), ووزير المواصلات شاؤول موفاز( رئيس أركان سابق), إضافة إلى وزيرة الخارجية تسيبي ليفني, سليلة »الموساد) وعلاوة على أن هؤلاء شركاء في محادثات التعاون الاستراتيجي بين الطرفين, والتي كانت تعقد مرتين في العام, لكنها أصبحت تعقد ثلاث مرات, اعتباراً من هذا العام, في ضوء الأزمة مع إيران.‏

وإذا ما أخذ هؤلاء بالدهشة من التحول أوالتأرجح الأميركي, بين السياسة والتكتيك, في السياسة إزاء طهران, فإنهم في أسوأ الأحوال تلقوا »صفعة) على ما قاله الكاتب والباحث في »معهد الأمن القومي للدراسات الاستراتيجية): ألوف بن, إن إسرائيل لم تكن جاهزة لحدوث ما اعتبره تحولاً في السياسة الأميركية, وأن إدارة بوش لم تجر مشاورات مع إسرائيل قبل أن تقررضم دبلوماسي كبير, هو وليام بيرنز, مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى, إلى المحادثات التي أجراها الأوروبيون مع إيران يوم 19 من تموز ,2008 كما لم يشارك الرئيس الأميركي إسرائيل في مبادرته فتح» مكتب لرعاية المصالح الأميركية) في طهران, التي كانت تقف يوماً على خط الدفاع الأول في مواجهة الاتحاد السوفييتي دفاعاً عن المصالح الأميركية في المنطقة.‏

ولئن فاز أشكنازي بلقاء قائد الجيوش الأميركية »مايك مولين) وقلده »شارة الشرف الخاصة) لإسهاماته في »محاربة الإرهاب في الشرق الأوسط), وهو يقصد» حزب الله) و»حماس) و»لإسهامه في أمن إسرائيل), حسب ماقالته وزارة الدفاع الإسرائيلية, فإن مجمل الوضع في الشرق الأوسط كان حاضراً بين الرجلين إضافة إلى التنسيق بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي, وقد وضعت صحيفة هآرتس زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في إطار الضغوط التي تمارسها إسرائيل على الولايات المتحدة لإقناعها أن يشمل التقرير الجديد للاستخبارات الأميركية بشأن البرنامج النووي الإيراني, مايفيد أن طهران تطور برنامجاً نووياً عسكرياً, بعد أن كان التقرير الأول قد أشار إلى أن إيران قد أوقفت مساعيها لإنتاج سلاح نووي منذ عام .2003‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية