|
|
شؤون ثقافة بالرغم من وجود الكبار الذين تنافسوا معه , وإليه كما أعتقد انتهت أمارة الشعر العربي بعد رحيل أمير الشعراء أحمد شوقي ,وليقم الدليل على عكس هذه القناعة الذوقية ,المستندة على الأحاسيس الدفينة التي تغفو في خوالج وأغوار النفس ,والترف اللغوي الأصيل في أبهى صوره ,من لا يعتقد بصحة هذا الرأي وسلامته . وحين يرحل الشاعر يستيقظ في العالم شيء كان نائما , نوما مؤقتا مرحليا ,بل يشعر بعضنا أن أشياء كثيرة في ذاكرتهم وحياتهم ,تسطع كما أنها تولد للمرة الأولى . كأننا بموته نرى ما لم نكن نراه , وكأن الزمن يكتب موت الشاعر قصيدة أخيرة , تتوهج كضوء أخير .في هذا الضوء ,يتاح لنا أن ندخل إلى مناخ الشفافية : بين الشاعر والشعر ,بينه وبين التاريخ . وفي الحالتين بينه وبين الجوهري الباقي ,على حد تعبير أدونيس في مقال له نشره في صحيفة السفير بتاريخ 23/8/1981 , بمناسبة رحيل شاعرنا الكبير . وفي هذا ما يمنح شاعرنا الذي في حنجرته ألف لبيد وألف أبي تمام ,الألق والتوهج والعظمة الشعرية ,بين محبي شعره الكثر , بالرغم من أنه لم يخرج عن البحور الخليلية ولا غرابة في ذلك لأن البدوي يؤمن »بأن الأوزان لم تتسع لكل نزعات النفس البشرية كما أنها عذوبة ونغم وعطر وجمال بل إن الأوزان أساور وعقود لا سلاسل وقيود .. والذين وضعوها كانوا لا يجيدون القراءة والكتابة , فجاءت أوزانهم سجية للذوق العربي . وفي لقاء مع بدوي الجبل .. ذكر أن قصائده كأولاد ه كلهم لديه أثير وكلهن خير . لكن يبدو أن هناك ثلاث قصائد تحتل الذروة بين روائع بدوي الجبل , وهذه القصائد تكشف عن عاطفته الجياشة الممزوجة بالحنين القوي .والقصائد المشار إليها هي : الدمية المحطمة , وفي رثاء سعد الله الجابري , والشهداء الذين عرفهم وتوسدوا رمال الصحراء : لا يبعد الله أحبابا فجعت بهم وما علاقة قلبي بعد ما بعدوا الناشئون على نعماء مترفة تقيلوا الرمل في الصحراء واتسدوا إن قوة بيانه وفخامة ديباجته ,وجمال معانيه المبتكرة الخاضعة لذوق العصر ,ونداءات القلب ,وقدرته على الإبحار في الآفاق ,ليأتي بالشعر الندي المرصع بالنجوم ,المخضب بعطر الزهور , الذي يحدث في النفس نشوة يصعب وصفها . |
|
