تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صورة المرأة العانس في المسلسلات التلفزيونية بين السذاجة والكآبة..

مجتمع
الثلاثاء 22/11/2005م
رهادة عبدوش

إن ظلم المجتمع للمرأة يبدأ من طفولتها ليكبر معها ويستمر عندما تصبح مراهقة وشابةو متزوجة , ومطلقةأو أرملة, ليتسع الظلم عندما تصبح عانساً-

علماً أن كلمة عانس تطلق على الرجل وليس المرأة- لكن المجتمع يظلم تلك المرأة التي لم تتزوج مثل جميع النساء وأكثر, وقد عملت مسلسلاتنا التلفزيونية على ابراز الظلم الواقع على المرأة من خلال طرح الثغرات القانونية والنواقص التي تظلم بها المرأة, ومن خلال طرح عادات وتقاليد المجتمع التي تحيط بالطفلة والمراهقة والشابة والمرأة في جميع مجالات الحياة.‏

لكن الأمر الذي مازال بعيداً عن الاهتمام هو اعادة النظر بالمرأة التي لم تتزوج فما زال المجتمع يرى هذه المرأة أنها معقدة إما بحقدها على من حولها أو بانزوائها بركن بعيد عن مجتمع يدينها كونها لم تتزوج, أو بسذاجتها لتصنع منها مهرجة همها البحث عن عريس وهذا مكرس عن قصد أو دون قصد في مسلسلاتنا التلفزيونية.‏

فعلى سبيل المثال مسلسل ( عصي الدمع) الذي عرض مؤخراً على شاشتنا المحلية والذي كان رغم زيادته في طرح مواضيع هامة جداً وعميقة إلا أن صورة المرأة العانس ما زالت كما هي فهنالك الأختان اللتان تعملان بالخياطة ولم تتزوجا فقد طرحت الصورة بشكل يجعلنا نعطف عليهما لكنهما حزينتان كئيبتان تنظران بمرارة إلى كل عروس تخرج أو تدخل والألم يعتصر قلبيهما وكأنهما تعانيان من عذاب لا تعانيه أي امرأة في العالم..!‏

وفي مسلسل آخر ( زوج الست) نرى تلك الموظفة المحاطة بالجدية لكن بداخلها امرأة مهزومة والسبب أنها لم تتزوج فهي من الداخل ساذجة غبية يستطيع أي رجل التمكن منها كونها تبحث عن عريس فيسلبها أموالها ويؤذي مشاعرها فقط بحجة الزواج و هل هذا سبب يجعلها ساذجة وهي تترأس قسماً في الوظيفة وفيها من الأخلاق ما يحصنها?‏

لا أريد القول هنا إن المرأة غير المتزوجة لا تعاني من مشاكل لكنها ليست كالسابق فهي استقلت مادياً وتعلمت ولم تعد تحتاج للغير ,لذلك الصورة يجب أن تتحسن وعندما تصور المسلسلات التلفزيونية هذه المرأة بهذا الشكل تكرس نظرة المجتمع التقليدية إلى هذه المرأة بأنها أقل من غيرها متجاهلاً العديد من النساء اللواتي نجحن بحياتهن ولم يمنعهن عدم الزواج من النجاح بالعمل والمجتمع وبالفرح والتأقلم مع الآخرين, فالمرأة لا تتأذى كما الرجل من عدم الزواج فهو بالحقيقة الذي يبتعد عن المجتمع , أما المرأة في مجتمعاتنا ولوكانت وحيدة تتمكن من الانخراط بالأسر فعندما يتم الحديث عن المرأة العانس يجب عدم تجاهل الرجل العانس ( مع التحفظ على هذه التسمية بحد ذاتها).‏

فليس لأحد أن يلومها أو يحولها إلى صورة قبيحة وخصوصاً الإعلام الذي يجب أن يكون واسع الأفق فهو الذي يغير نظرة المجتمع ويؤثر بها, لذلك عليه أن يساهم في انصاف هذه المرأة التي ينظر إليها المجتمع على أنها فاشلة مهما كانت ناجحة ومهما كانت قادرة على التأقلم مع المجتمع..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية