تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حقوق الإنسان على الطريقة الأميركية

لوموند
دراسات
الثلاثاء 22/11/2005م
ترجمة: دلال ابراهيم

منذ الحادي عشر من شهر أيلول لعام ,2001 اعتبر الرئيس الأميركي جورج بوش, أن حربه الضروس التي لا ترحم ضد الإرهاب ,

تعفيه من الالتزام ببعض الواجبات الأخلاقية المنصوص عليها في القانون الدولي.‏

وبعد مرور بضعة أيام على اعتداءات 11 أيلول, منح زعيم البيت الأبيض سلطات واسعة لجهاز الاستخبارات سي آي ايه, تخوله تحويل أي مشتبه به باقتراف أعمال إرهابية إلى أراض وسجون خارج الولايات المتحدة.‏

ومن خلال هذه القاعدة برز ما أسموه (السجون الخيالية) لجهاز الاستخبارات الأميركية سي.اي.ايه.‏

وحسب ما كشفت عنه صحيفة الواشنطن بوست, يحتجز جهاز الاستخبارات سي.اي.ايه كبار زعماء القاعدة , الذين ألقت القبض عليهم ويبلغ عددهم نحو الثلاثين- في سجون سرية خارج أراضي الولايات المتحدة. وقد أطلقوا على هذه السجون اسم( المواقع السوداء), و هذه السجون الخيالية , المعدة لجماعات من يدعونهم ( المجاهدين ) في منطقة أوروبا الوسطى, فوق قواعد سوفييتية قديمة . وحددت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان هيومان رايتس واتش هذه البلدان بولونيا ورومانيا, اللتين أنكرتا إلى جانب هنغاريا تغطيتها أو إيواءها لمثل هذه السجون ولكن المثير أكثر أن جمهورية التشيك, اعترفت من جانبها أن حكومة واشنطن طلبت منها افتتاح سجوناً كهذه, ورفضت طلبها.‏

تلك المعلومات التي ذكرتها صحيفة واشنطن بوست لم تدحضها أو تفندها السلطات الأميركية. فقد اعتبر المستشار في مجلس الأمن القومي الأميركي ستيفان هادلي, معترفاً ضمنياً بوجود سجون كهذه بأنه وإن كانت سرية, فذلك لا يعني التساهل في التعذيب فيها وفي سياق الجدل الواسع الذي يدور في الولايات المتحدة , انطلق الديمقراطيون الأميركيون إلى فتح نار هجومهم ضد الممارسات التعذيبية في قاعدة غوانتانامو لسجناء مشتبه بقيامهم بأعمال ارهابية, عبر طرحهم للتصويت في غرفة النواب للنص الذي تقدم به النائب الجمهوري جون ماكين. وينص هذا النص الذي يتبناه مجلس الشيوخ الأميركي استثناء أي معتقل من قبل السلطات الأميركية من ( المعاملة القاسية, وغير الإنسانية أو المذلة) وقد اعترض البيت الأبيض على هذا التعديل.‏

فهل الولايات المتحدة التي تدعي منذ زمن بعيد دفاعها عن حقوق الإنسان, والقيم الأخلاقية للديمقراطية عبر العالم , وصلت إلى درجة الطلب من دول أوروبية أعضاء في الناتو,, ومؤثرين في الاتحاد الأوروبي, القيام ( بالمهمة القذرة) ضد معتقلين( مصدرين) لهم ممن تدعوهم( المجاهدين)?‏

لا يمكن لأحد في العالم أن يتخيل أو يقبل بتلك الإجراءات أو الممارسات , والتي أقل ما يقال فيها إنها غير شرعية في نظر القانون الدولي, ومدانة بشدة أخلاقياً.‏

وفي هذا السياق أكد الرئيس الأميركي جيمي كاتر أنه ومنذ وصول الرئيس الحالي جورج بوش إلى البيت الأبيض : جرى انقلاب جذري وعميق للمبادئ السياسية والقيم الأخلاقية في الولايات المتحدة.‏

وهل توافق وزيرة الخارجية الأميركية كوندا ليزا رايس التي تستبسل في الخارج للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان, أن تطلب بلادها من بلدان في الاتحاد الأوروبي انتهاك وخرق القانون الدولي? هذا العمل في رأي القارة العجوز, وبلدان العالم كافة نابع من غطرسة عجفاء, وحتى استهتار وقح.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية