|
اقتصاديات ومصر على القول إن الذين اختاروا أنظمة أخرى لم يحققوا بالضرورة ما هو أفضل.. لكن عندما طبع العالم بطابع الاقتصاد الحر (السوق) كانت إمكانية هؤلاء القادمين من الأنظمة اللااشتراكية على التفاهم والانسجام مع الوضع الاقتصادي العالمي أكبر. وبالتالي استطاعت المبادرة الفردية أو شبه الفردية عندهم أن تستجيب بسرعة لإقامة أعمال ومؤسسات مناسبة لظرف الحياة الراهن أكثر منا.. هذا ناهيك أننا بدأنا متأخرين. نحن اليوم ننحت لرسم منهج عمل اقتصادي رأسمالي.. ولا بد أننا نصطدم بعوائق كثيرة.. في مقدمتها خجلنا من أننا نفعل ذلك ,ومحاولة تغليف هذا الاتجاه بأغلفة مختلفة كي نبدو محافظين على الثوابت.. وبصراحة من الصعب توفير الثبات للثوابت في عالم الاقتصاد والأعمال.. وحتى ما نحن في صدده اليوم لا يعني أبدا أننا في نهاية الطريق, أو في الخيار الأخير.. إنما هي مرحلة راهنة فرضتها ظروف عديدة.. فمن قال: إن الرأسمالية تعرف طريقها لحل مشاكل البشرية والاقتصاد العالمي?! إذن نحن نواجه أولا ضرورة الإقرار بأننا نعيش تجربة التحويل الرأسمالي ويحب أن نوفر لها ظروفها دون مواربة, ولعله من الإنصاف القول أن ثمة جرأة فعلية وعملية أظهرتها الحكومة في هذا الاتجاه.. وهي جرأة تواجه أن الناس تتأخر في فهم أصولها ومعطياتها وتجلياتها.. بما يخلق حالة ما من الاضطراب النفسي العام لدى كل تحرك بهذا الاتجاه مما يعتبر من طبيعة الاقتصاد الرأسمالي.. مثل الحركة اليوم في أسعار السلع والخدمات والعملات.. وإلا ما معنى وجود بورصات وهي من الطبائع الأكيدة للنظام الرأسمالي. اضطراب الناس النفسي أمام حركة الأسعار اليومية, ليس من خصوصياتنا.. فكل دول العالم حتى منها تلك التي لم تعرف شعوبها نظاما إلا الرأسمالية تضطرب لحركة الأسعار, لكن.. هي تفهم أن ذلك من طبيعة. الحياة الرأسمالية.. وبالتالي يعرف الناس ماذا يفعلون.. أو بالأحرى ماذا لا يفعلون. بمعنى أنهم هناك لا يؤمنون بإمكانات سحرية خارقة لدى الحكومة .. أما عندنا, فإن الطبيعة الاتكالية التي وفرها منهج التخطيط المركزي على أساس كل شيء من الحكومة وكل شيء للحكومة, ما زالت متوفرة في أذهاننا وإلى حد كبير.. وبالتالي فإننا ننظر لإجراءات الحكومة أنها لا بد أن تحقق الضربة القاضية الفنية والأخيرة..?! ولا بد أن نتعلم أن الحكومة في اقتصاد رأسمالي تواجه في كل يوم معطيات جديدة.. وفي كل يوم تحتاج لإجراءات جديدة.. وليس للآثار الناجمة عن إجراءاتها صفة الثبات. أكرر الآن أن بعض المواطنين توجهوا تحت تأثير عوامل مختلفة هي بالمحصلة جميعها لها بعد نفسي, بل إن بعدها الأهم نفسي.. إلى تحويل مدخرات لهم بالليرة السورية إلى عملات أجنبية بصورة أساسية الدولار.. طبعا هم لم يحلوا المشكلة النفسية بل ربما دخلوا الدوامة الحقيقية .. الآن سيبدؤون بمراقبة أسعار صرف العملات يوميا.. طلع الدولار.. نزل الدولار.. وفي رأيي أن إيداع ليرات سورية في مصرف سوري والحصول على فائدة مقبولة أفضل بكثير من مراهنة على (ارتفع الدولار نزل الدولار).. لاحظ مثلا.. إن الذين غامروا واشتروا عملات أجنبية خلال هذه المرحلة.. أي بعد سريان الحالة النفسية التي تعتقد أن الوضع الاقتصادي السوري لن يستطيع حماية سعر الليرة.. وإن إجراءات الحكومة غير فاعلة.. هؤلاء وحتى اليوم على الأغلب ينخفض ضغطهم ويصعد على ارتفع ليرة أو نزل ليرة.. والمحصلة أن كل ما يتوقعون من زيادة في سعر الدولار لاستعادة ليراتهم لن يكون كافيا لتسديد الفرق في السعر بين البيع والشراء الذي هو ربح الصراف. مرة أخرى أقول إنني لا أستطيع أن أنصح في هذا المجال.. فقط أقول: ابتعد عن مغامرة المراهنة على أسعار العملات.. وللعلم حسب استقصائنا يباع الدولار اليوم ويشترى بين ,56 57.50 ليرة. |
|