تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ديك الجن ... الأميركي!

لبنان
معاً على الطريق
الثلاثاء 22/11/2005م
نبيه البرجي

هذا واقع حالنا: القطعة البشرية, ولا نقول الكائن البشري, تتراقص بين عبقرية الطائفة وعبقرية القبيلة.

استطراداً, بين عبقرية الزقاق وعبقرية الخندق!‏

لا أحد يقول: إننا كنا نختال داخل اليوتوبيا. على أفضل (أم أسوأ?) وجه حطمنا علاقة القلب بالقلب, والرؤوس العالية بالرؤوس العالية. انتهى الأمر, وإليكم الوقائع الراهنة:‏

- فلان ضبط متلبساً وهو يعبر, دون أن يرف له جفن, إلى دمشق.‏

- فلان يتواطأ ايديولوجياً: إنه يشنّف أذنيه بالقدود الحلبية, وقد أغرورقت أصابعه بالشجن والشجى حين تناهى إليه... يا مال الشام والله يا مالي.‏

- فلان وضع تحت الرقابة المشددة لأنه عنصر إرهابي خطر. ما زال يأخذ بمصطلحات العصر الحجري. (العدو الصهيوني), ياللابتذال في جدلية التاريخ, وجدلية... الحقيقة!‏

- فلان متآمر حتى العظم, قال عن تمثال الحرية في نيويورك: إنه يعمل على تسويق القمامة أكثر ما يعمل على تسويق المقدس.‏

- فلان ليس منا, إنه ضدنا لأنه لم يدرك حتى الآن أن المستقبل البهي هو لحائط المبكى لا لحائط الجامع الأموي.‏

- فلان ذلك الغبي الذي ما برح يمضغ القش, كما لو أن الدنيا لا تمتلئ برنين الذهب وأهل بيت الذهب.‏

- فلان الذي ينتمي إلى ثقافة الياسمين, وهي ثقافة الأقبية, بدل أن ينتمي إلى ثقافة ماكدونالدز, وهي ثقافة الأفق.‏

- فلان الذي ما زال يعتبر أن ديك الجن الحمصي يلقى هوى في قلبه أكثر مما يلقاه ديك الجن.. الأميركي.‏

- فلان الذي لا يفرق بين الحرية التي فيها نكهة الهوت دوغ, وهي نكهة الانعتاق, وبين الحرية التي فيها نكهة الكعك الشامي, وهي نكهة التبعية.‏

- فلان الذي لا يزال عالقاً بين اللاءات السورية (أي بين الأسلاك الشائكة), فيما الفراشات البيضاء ترفرف في هذا النهار الجميل. ياذاك حين تقول: إن أحذيتهم تدخل إلى أرواحكم على وقع هذا... العقل العربي!‏

- فلان الذي فقد حاسة البصر (والبصيرة): غريب أنه لم يشاهد يد الآلهة وهي تنقل لبنان من زمان إلى زمان, من مكان إلى مكان: إعصار كاترينا: ياصاحبي.. إنه النسيم العليل.‏

- فلان الذي لا يطأطئ رأسه, ولا جيوبه, ولا كلماته, أمسكوه... هذا ليس وقتاً للحثالة, هذا ليس وقتاً للرعاع, ليخرج كل سوري من هنا ولو كان... الهواء.‏

- فلان الذي لا يزال يكتب عن فيروز عن أنها قصة الله فينا, وهي التي غنت (ياشآم) انتظروا تهمة بحجم الأغنية. غداً, فيروز وراء القضبان بتهمة تهريب... السنونو.‏

- فلان الذي يرغمونه على أن يلفظ أنفاسه, أفكاره, الأخيرة: مواطن لبناني ما زال - منذ الأزل - يقلد شجرة الزيتون. أيهما تختار, إذاً, الفأس أم المشنقة?‏

عذراً من محمود درويش: في وصف حالنا..!‏

كاتب وصحفي لبناني‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية