|
آراء ولا يكون هناك سوى يوم واحد لاجتماعات القادة والزعماء من رؤساء وملوك وأمراء عرب، لمناقشة كل القضايا المثارة على جدول أعمال هذه القمة، وعلى كل المستويات والأصعدة باعتبارها قمة عادية سنوية ودورية. بالطبع الظروف والمناخات التي تعقد فيها هذه القمة تختلف عما سبق من قمم، لذلك فإن قمة الدوحة إذا أردنا توصيفاً حقيقياً لها، فنأمل أن تكون قمة النهوض العربي بعد أن تم دفن وتجاوز كل الخلافات العربية - العربية، وبات واضحاً أنه ليس لدى العرب في ضوء كل الأحداث والتطورات والتجارب على مدى ثماني سنوات إلا التفاهم والتوافق، وبالتالي التضامن حتى ولوكان هناك خلافات في المواقف وتباينات في وجهات النظر حيال مسائل تعتبر حساسة ودقيقة، إلا أن ذلك ينبغي ألا يقطع سبل الحوار والتشاور وتبادل الرأي بين القادة العرب على المستوى الثنائي أو الثلاثي أو الخماسي أو ما فوق ذلك، فثمة وعي بات يتبلور في ضوء ما عصف في الساحة العربية من أحداث ومستجدات، من أنه لا بد للعرب من الاستفادة من الدروس التي مرت بها قضايانا العربية، وما أكثرها عدداً واتساعاً وشمولاً وتوضعاً، لأن هذه الدروس تشكل حالة ينبغي بحثها ودراستها والتوافق عليها. صحيح أن التاريخ لا يكرر نفسه، لكن دروسه وأحداثه تبقى واحدة، ومن هنا فإن قراءة التاريخ، قراءة المناضلين وليس قراءة المستسلمين هي المنقذ لنا كعرب من أجل حماية وجودنا، وضمان مصيرنا، والحفاظ على هويتنا وانتمائنا، بل والتمسك بهذه الهوية، وذلك الانتماء لأنه وحده الذي يضعنا أمام حقيقة وجودنا، وحقيقة ما نواجه من تحديات وأخطار. الكل يسلم الصراع في المنطقة هو صراع مصير ووجود وليس أبداً صراع على الحدود مع أعداء الأمة العربية، إسرائيل والولايات المتحدة ودول غربية عديدة، لماذا؟..لأن الخطر الصهيوني الجاثم على أرضنا العربية في فلسطين منذ أكثر من ستين عاماً، لم يتخذ من فلسطين سوى قاعدة زحف ليهدد أمننا القومي العربي،وليحول دون وحدتنا وتضامننا، بل إن هذا الخطر حاول مراراً وتكراراً زرع الفرقة في الصف العربي الواحد، وشكل الكيان الإسرائيلي المغتصب لأرضنا وحقوقنا وعلى الدوام بؤرة تمتد وتتسع إلى الساحة العربية، كانتشار السرطان الخبيث بحكم مارسم لهذا الكيان من وظيفة في خدمة الأهداف الاستعمارية البريطانية أولاً ومن ثم الأميركية ثانياً ، لذلك لا يتحدث الغربيون، ولو بإشارة أو بتلميح إلى أن هناك أمناً عربياً أو فلسطينياً، بل وعندما يتحدثون عن أوضاع المنطقة وأحداثها وتطوراتها ومسائل الأمن والاستقرار فيها، فإنهم يحصرون حديثهم وتوجهاتهم وشروطهم ومطالباتهم بالأمن الإسرائيلي، وكأن العرب هم الذين يهددون هذا الأمن، في حين أن كل الوقائع والأدلة تذهب إلى أن إسرائيل باحتلالها لأراضينا، وتوسيع هذا الاحتلال باحتلال أراضي دول عربية في حرب حزيران عام 1967، إضافة إلى ما ترتكبه من مجازر وجرائم حرب على الفلسطينيين والعرب، تؤكد أن هذا الاحتلال هو مصدر اللاستقرار والفوضى والانفجارات والفتن والحروب إلخ، وهو أيضاً مبعث الإرهاب لما يشكله الاحتلال من ذروة لممارسة البطش والقتل والاعتقال وجرائم حرب. وفي ظل ذلك، فأمن من هو الذي يتهدد؟.. هل أمن الإسرائيليين واحتلالهم؟! أم أمن العرب وحقوقهم؟.. إن الأمن القومي العربي لا يتجزأ، كما أن حقوقهم لا يمكن أن تتجزأ باستعادتها، تماماً لأن الاحتلال لا يتجزأ، فالقضية إذن تكمن في وعي وإرادة ومنعة وقوة للثبات على الحقوق من قبل جميع العرب دون استثناء ومادام الهدف واحداً، وينبغي توحيد الرؤى حيال كل الأساليب والوسائل التي تضمن إنجاز هدف استعادة الأرض واسترداد الحقوق ضمن الإمكانات والقدرات والأوراق التي يمتلكها العرب، وهي كثيرة وهامة وأساسية في معركة الصراع ضد العدو الرئيسي في الساحة العربية ألا وهو إسرائيل واحتلالها ومستوطناتها ولا يكون هذا إلا بتوحيد كل مقومات وعوامل وعناصر قوة العرب، وفي مقدمتها تضامنهم وتعاضدهم وتكاتفهم، لأن ذلك يشكل القوة الحقيقية في تفعيل دورهم وزيادة تأثيرهم، وفي اتخاذ القرار الصائب والسليم لإرغام العدو على التخلي عن عدوانيته وجرائمه واحتلاله، ولاسيما أن التجربة أثبتت أن السلام باستعادة الحقوق واسترداد الأرض لا يبنى على الاستجداء والتسول، بل إن من أبرز دعائم هذا السلام «القوة» والتي بدأت تجد تعبيراتها الحقيقية، وعلى الأرض، وفي معادلات الصراع بانتصارات حققتها المقاومة العربية «العراقية والفلسطينية واللبنانية وإلحاق الهزائم بالاحتلال في العراق بالقوات الأميركية، وفي لبنان في حرب تموز 2006، وفي فلسطين غزة قبل أشهر معدودة، والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا كان دور العرب في تثمير هذه الانتصارات التي هي عسكرية أولاً؟...ولماذا لا يجري التأسيس عليها بقرار وإرادة القادة العرب لإنجاز انتصارات سياسية، التي هي في الموازين تعتبر تحصيل حاصل إذا ما أحسن الاستفادة وإلى أقصى درجة مما تحقق على الأرض من انتصارات عسكرية، حتى من أجل بلوغ هدف السلام الذي هو هدف سياسي يحتاج إلى قوة ومقاومة كمدخل وأرضية للهدف السياسي الذي لا خلاف عليه بين كل العرب ألا وهو السلام العادل والشامل والكامل بإنهاء الاحتلال واسترداد الحقوق واستعادة الأرض وتصفية المستوطنات وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم فهل بات العرب يعون ذلك من أن «المقاومة» وما تحتمه الأوضاع من دعم لها وتبن لفصائلها لا يتعارض أبداً مع سعيهم لتحقيق السلام العادل ،والشامل في المنطقة؟... |
|