|
هذا جولاننا
كان طبيعياً أن تخرج المرأة للعمل الزراعي أسوة بالرجل وأن تمارس المهن التي تناسب حاجيات تلك الأيام، ومع ابداعها الكبير في فن الحياكة والتطريز وصناعة الصوف والأحذية وغيرها، إلا أنها لم تخرج من الدائرة الأسرية والروابط العائلية والقروية، ويعود ذلك إلى تواضع الاحتياجات اليومية، في ظل تواضع فرص العمل وشبه الانعدام للاستمرار في التحصيل العلمي وخاصة للمرأة. حفظ المنتوجات الغذائية أبدعت المرأة الجولانية في إنتاج المواد الغذائية واستخلاصها وحفظها وكانت من أهم المهن التي تقوم بها والتي اعتمدت عليها سبل الحياة العامة، فشاركت في عصر الزيتون وتولت أمور طحن الحبوب وحفظها، فكانت النسوة هن العنصر الأساس في تلك المطاحن التي تعمل على الماء، وبطريقة علمية وصحية كانت تجفف الخبز وتصنع الجبن المدُخن والمجفف واللحمة المقددة على النار، وتصنع العصائر الطبيعية وتحفظها وتجفف التين والمشمش و العنب معتمدة في كل إنتاجها على مواد أولية طبيعية، وعلى نوع من العمل الجماعي النسوي القائم على بساطة العيش وقوة الروابط الاجتماعية ما أعطى نكهة خاصة لتلك المنتوجات . الحياكة والتطريز تميزت المرأة الجولانية في صناعة الملابس وزركشتها وفي تطريز الجلاليب والعبي كما اعتمدت على نفسها في تحضير المفروشات والأغطية والشراشف والملاحف بالإضافة إلى إبداعها في صناعة السجاد والبسط والجلود وغيرها من المنتوجات المنزلية التي تصنع داخل المنزل أو ضمن مشاغل صغيرة يتعاون عليها عدد من النساء وكانت هذه المنتوجات تستهلك محلياً أو تسوق في مدينة القنيطرة ومبادلتها مع سلع أخرى بحيث تغطي أغلب احتياجات الريفيين والبدو . أما صناعة الصوف، فكانت له قصة مميزة، فكل الخيوط التي كانت تستخدمها المرأة الجولانية في الحياكة هي من صنعها اليدوي، حيث أخذت صوف الأغنام وغسلته وجففته وصبغته بصباغ نباتي، ثم حولته إلى بكرات من الخيوط الصوفية الملونة وصنعت منه أجمل الملابس والمشالح الصوفية. الجلود والفراء لكل شيء استخداماته، وطبيعة المرأة الجولانية المكافحة والمخلصة لأسرتها دفعت للعمل بكل طاقتها وحسب ما هو متوفر وما تميزت به في تلك الفترة استخدام جلود الحيوانات وفرائها في صناعة منتوجات منزلية مختلفة «للاستخدام وللزينة» علقت الفراء في الغرف وصنعت الأحذية من جلود البقر، فلم يكن الرجال والأطفال بحاجة لشراء الأحذية التجارية، وقد اشتهرت تلك الجزمة المصنوعة من الجلد البقري بمتانتها وصحتها بالنسبة للأقدام. أم المهن .. حفظ العادات من كل ذلك كان للمرأة في قرى الجولان احترامها الخاص إلا أنه لم يكن لها دور في التجارة الخارجية، بل كانت مهنتها مخصصة لأسرتها وللتبادل الداخلي ومصدراً للاستقرار والألفة والتعاون . وعلى الرغم من تراجع هذه الأعمال بعد الاحتلال وبسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية و السياسية الجديدة وتغير توجهات المرأة في مجالات مختلفة وأدوار جديدة تعتمد على التحصيل العلمي العالي . إلا أن المرأة الجولانية حافظت على عادات وقيم ومسلكيات المجتمع التقليدي والتزمت بالحفاظ على أجيال تترعرع على المبادىء الأخلاقية والسياسية والوطنية ولعل ذلك في رصيد الشعوب من أهم المهن وأفضل الأدوار . |
|