تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سر الحمّام

أبجــــد هـــوز
الأثنين 30-3-2009م
معتصم دالاتي

ما مرة تواجدت في الحمام للاستحمام إلا وقمت ببعض الوصلات الغنائية مستنفدا كامل الوقت بتقمص أدوار عبد الوهاب وأم كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم وفيروز, ولا ينجو مني حتى المطرب الذي امتلأت معظم حيطان دمشق الصيف الماضي بالإعلانات التي تصفه بالفنان العالمي علي الديك.

ولعل الحمام هو مكان مخادع أو مجامل لأنه يجعلني أختال طربا من غنائي بدرجة لا تقل عن درجة إعجابي وطربي بالذين ذكرتهم من الفنانين الكبار من ذوي الحناجر العظيمة, لكن الأمر الذي كان يدهشني أنني ما إن أغادر الحمام متوجها إلى غرفة الجلوس وأنا لاأزال منهمكا بالوصلة الغنائية حتى يتغير الأمر وأستقبح صوتي الذي كان شجيا في الحمام, وهذا ما يجعلني أعدل عن التفكير في الذهاب إلى الإذاعة أو التلفزيون لتقديم نفسي كمطرب من الدرجة الممتازة, أو على الأقل الغناء في السهرات العامة والخاصة وفي الأندية والبيوت.‏

في الحمام عندما أسمع صوتي أتخذ قرارا باحتراف الغناء, وفي خارج الحمام عندما أسمع صوتي أعدل عن هذا القرار,إذ لا يمكن أن أقدم نفسي كمطرب حمامات، فليس من المعقول انتقال أجهزة الصوت والمكرفونات والبفلات والإضاءة والجمهور والمخرج والكاميرات إلى الحمام، علما أنني عزمت على إقامة حفلة غنائية, ناهيك عن صعوبة وانتاج فيديو كليب في مثل هذا المكان.‏

اعتقد أن معظم إن لم أقل الجميع قد تعرض لمثل هذه التجربة, غير أن بعضهم أو الكثير منهم قد صدق ما وسوس له الحمام من خداع, ولعل ظاهرة الحمام تنسحب على كثير من النشاطات, فكم من المطربين والرسامين والشعراء والممثلين والسياسيين والمنظرين والمسؤولين وبعض أصحاب المناصب والكتاب وسواهم, ليسوا أكثر من ضحايا الحمامات إذ صدقوا أنفسهم، وبعضهم من قيض الله لهم من يسوَّق مواهبهم التي لو بقيت ضمن الحمام لكانوا وفروا على أنفسهم البهدلة والشرشحة والفشل واستهجان الناس الذين لا تلعب بعقولهم خديعة الحمامات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية