|
حـــدث و تعــليـق شهادات حية رواها أقارب وذوو الضحايا، وأخرى قدمتها منظمات حقوقية دولية، وتقارير موثقة بالصوت والصورة أعدتها مؤسسات اعلامية وشبكات تلفزة، والأهم من ذلك كله تلك الاعترافات التي أدلى بها لصحف ووسائل إعلام اسرائيلية جنود شاركوا بالعدوان، لتتقاطع بشكل لا يقبل التشكيك مع كل المعلومات التي تحدثت عن جرائم حرب ارتكبت في القطاع. لكن الملفت في الأمر هو أن يبادر اعلام العدو إلى نشر مثل هذه الاعترافات التي تدحض كل ادعاءات قادة الاحتلال عن الأخلاقيات المزعومة لجيشهم الارهابي والتي تورط عناصره بتهم قد تعرضهم للمساءلة أمام المحاكم الدولية، وكأن المقصود أن يقال أن اسرائيل هي كيان (ديمقراطي) شفاف يعترف بأخطائه ولديه القدرة على معالجة هذه الأخطاء، فدعوه يعالج أخطاءه بنفسه، وهكذا يصبح من غير الضروري أن تتدخل أية جهة خارجية لاحقاق الحق وانزال القصاص بالمرتكبين. وانطلاقا من هذه الأكذوبة التي تروج كثيرا في الغرب، لا نستغرب أن تلجأ اسرائيل إلى خدعة جديدة، من قبيل إجراء محاكمات شكلية لجنودها( من ذوي الاعترافات السابقة) يمنحون على إثرها أسبابا تخفيفية كتلك التي حصل عليها جنود أميركيون متهمون بارتكاب جرائم حرب في العراق، وفي هذه الحالة تكون قد أصابت عصفورين بحجر واحد.. فمن جهة تقوم بإبعاد التهمة عن مجرميها الكبار كبيريز وأولمرت وباراك وليفني وأشكينازي وبعض القادة الميدانيين باعتبار أن ما حدث بزعمهم مجرد أخطاء فردية ارتكبها جنود من تلقاء أنفسهم، ومن جهة أخرى تحول دون مثول قادتها وضباطها وجنودها أمام المحاكم الدولية المختصة التي يقع على عاتقها ملاحقة مجرمي الحرب. وجه الشبه قائم وكبير بين ما ارتكبته الولايات المتحدة في العراق وبين ما ارتكبته اسرائيل في غزة، ولا غرابة إن سلكت اسرائيل طريق حليفتها الكبرى في التعاطي مع هذه القضية، وأقامت لجنودها محاكمات شكلية (مفبركة) كتلك التي أقامتها واشنطن لجنودها لقاء جرائمهم الكبرى في العراق، في الوقت الذي لا يزال فيه المجرم الأكبر( جورج بوش) طليقا. |
|