تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حكاية ابتكار (السفرطاس) البلاستيكي

استراحة
الأثنين 30-3-2009م
ياسر حمزة

بدأ إيرل سيلاس توبر حياته المهنية بستانياً ومخططاً للأراضي، وكان من الممكن أن يقضي بقية حياته كما بدأها، إلا أنه بعد سنوات عشر من البستنة وقف أمام مدخل شركة دوبون الأمريكية للبلاستيك في لحظة قرار مصيرية، لم يدرك أهميتها إلا بعد سنوات.

ولد توبر في نيوهامشير عام 1907م، ابناً لمزارع كان يتسلى في وقت فراغه بابتكار أجهزة زراعية لتخفيف اعتماد مزرعته على الأيدي العاملة. وفي عام 1927م درس البستنة لشهور، وأنهى دراسته لينشئ شركته الخاصة في هذا المجال.‏

قاده عمله في البستنة إلى الاهتمام بالكيمياء، فالتحق بشركة دوبون للبلاستيك كيميائياً مبتدئاً. غير أنه لم يستمر كثيراً فيها، بل استقال لينشئ عمله الخاص بأبحاث البلاستيك، محافظاً في الوقت نفسه على علاقته الطيبة بشركته الأم، ومتعاقداً معها على القيام بأبحاث محدودة.‏

طلب توبر من دوبون أن تهبه نفايات البلاستيك كي يستخدمها في أبحاثه. وبالفعل، منحته الشركة كمية كبيرة من بلاستيك أسود صلب يسمى «بولي إيثيلين». ومن هذه «النفاية» استطاع توبر أن يصنع بلاستيكاً صالحاً للقولبة، وصلباً رغم مرونته. وبقي بعد ذلك الهم الأكبر: كيف يمكن أن يحوِّل هذه المادة بإمكاناتها الواسعة إلى منتج يمكن الاستفادة منه وبيعه؟‏

الغريب، أن فكرته الأولى كانت تتركَّز على صناعة «نعال» للأحذية، ولكنه سرعان ما تخلى عن الفكرة لمصلحة فكرة أخرى: أوعية بلاستيكية لحفظ الطعام، خفيفة الحمل، غير قابلة للكسر، والأهم أنها بأغطيتها المحكمة يمكنها أن تمنع الهواء من التسرب للطعام وتحفظه من الفساد. وبالفعل، استقبلت الأسواق هذه الأوعية عام 1945م، ثم حصل توبر على براءة الاختراع عام 1949م.‏

لم يكن هذا كافياً. فقد كان توبر مدركاً لأهمية ابتكاره وعمليته، إلا أن المستهلكين بدوا وقتها غافلين عن هذه النتيجة. ومن الأسباب التي دفعت المستهلكين إلى تجاهل ابتكار توبر نظرتهم الدونية إلى البلاستيك. وأدرك توبر مع بقية فريق العمل في شركته أن النجاح التسويقي لهذه السلعة الجديدة يحتاج إلى تغيير فكرة الجمهور عن منتجه. وعثر على منجم الذهب حينما اقترحت إحدى الموظفات وتُدعى براوني وايز منهجاً غريباً يتمثل في زيارة مندوبة الشركة لمنازل المستهلكات المحتملات، وشرح طريقة عمل هذه الحافظات بشكل شخصي. هذا النوع من التسويق لا يبدو جديداً لنا، ولكنه كان يتبع لأول مرة. وما إن طبق، حتى ارتفعت مبيعات الحافظات واحتلت مكاناً عزيزاً على رفوف الثلاجات المنزلية.‏

تقاعد توبر عام 1958م بعد أن باع شركته بملايين الدولارات، وتوفي في تشرين الأول عام 1983م عن عمر يناهز السادسة والسبعين، إلا أن اسمه لا يزال حياً على أوعيته: التوبر-وير.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية