تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


استعادة الحياة المسروقة

معاً على الطريق
الأحد 15-2-2015
مصطفى المقداد

تتواصل العملية العسكرية في الجنوب السوري محققة أهدافاً عديدة، فبعيداً عن المهمة المقدسة في مواجهة الإرهاب وتخليص المواطنين من بطشه وإجرامه،

وبعيداً عن الدور المقدس في بسط سيطرة الحكومة على كامل ترابها فإن واحداً من أبرز المنعكسات التي تتركها هذه العملية المقدسة هي استعادة الحياة الطبيعية المسروقة للمواطنين. تلك الحياة المفتقدة على أيدي العصابات الإرهابية تحت نظر ومعرفة المجتمع الغربي الاستعماري، وبدعم وتمويل وتخطيط من قبل حكومات وأجهزة الغرب الاستعماري ذاته.‏

الجريمة الإرهابية مركبة ومعقدة ومتداخلة ومدعومة بماكينة إعلامية عالمية كبرى تقدم لها الروايات الكاذبة وتعيد تأليف قصص ملفقة وتتناسى أن أجهزة بلدانها كانت أول من أسهم في تصنيع الإرهاب ورعاية انتاش بذوره من خلال نشر بطولات خرافية عن المجاهدين الأفغان الذين يتصدون للاتحاد السوفياتي، فالصورة المركبة والمعقدة والمتناقضة تضع الغرب الاستعماري في موضع الدعم المباشر لحالة التدين والتعصب المتنامي وتعادي الأنظمة الوطنية والتقدمية والاشتراكية تحت مسميات دعم فكرة العودة إلى الدين، واليوم تضع نفسها في الموقف المغاير فتدعي مواجهة التطرف الإرهابي وهي تتشارك في إيصاله إلى مرحلة التوحش والتغول والتدعش.‏

افتقد المواطنون طبيعة العيش في كل المناطق التي طالها الإرهاب، وتم إخضاعهم لعلاقات غرائبية تنتقص أبسط حقوقهم، وتقتل أرواحهم من الداخل. وفرضت عليهم طرائق معيشة لم يألفوها، فيما انتهكت حرماتهم وصودرت حرياتهم تحت ضغط أباطيل دينية تعادي حقيقة وجوهر الدين وتدفع في الحقيقة إلى معادة الإسلام في الخارج وهو ما يحصل في الوقت الحالي في كل من أوروبا والولايات المتحدة، فضلاً عن بروز ظاهرة الإلحاد في الداخل كرد فعل للممارسات الإرهابية لمن يختبئون تحت عباءة الإسلام.‏

اليوم يقوم الجيش العربي السوري بإعادة الناس إلى حياتهم الطبيعية، تلك الحياة التي سرقتها العصابات الإرهابية، فيعودون إلى أعمالهم ونشاطاتهم الاقتصادية وتعود علاقات القربى والمحبة إلى مسارها المفتقد.‏

عملية عسكرية محدودة من حيث الشكل والمكان والزمان لكنها عملية مفصلية من حيث مهمتها في إسقاط فكرة إقامة حزام يحمي الكيان الصهيوني على طريقة جيش لبنان الجنوبي العميل، ورغم أن ذلك الإجراء وتلك المحاولة لم تستطع الصمود في وجه المقاومة اللبنانية، فإن كيان العدوان الصهيوني يجتر تطبيقها بذات الطريقة التي ستفضي إلى الفشل المؤكد، وهو لا يستذكر المواقف المستجدة في كل جانب، والمتغيرات الدولية في التعاطي مع الأزمة في سورية، فمن كانوا يناصبون سورية العداء يبحثون عن مناسبة لتنفيذ الاستدارة وتغيير الموقف، وليس الاتحاد الأوروبي إلا الأنموذج التابع لموقف الإدارة الأميركية، فهو حين يتحدث عن إعادة النظر في سياسته تجاه المنطقة العربية كلها، إنما يعني سورية بصورة أساسية، وعن الضرورة في التعاون مع حكومتها الوطنية بعد فشل الشخصيات التي حاولوا تقديمها كبديل لها في تحقيق أي اختراق.‏

إنه الفشل الغربي الذي يعطينا القوة في كل مكان من سورية، فعودة مواطنينا إلى حياتهم الطبيعية كلمة السر في الانتصار القادم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية