تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عنوانان لعيد الحب .. سورية والمقاومة

إضاءات
الأحد 15-2-2015
سلوى خليل الأمين

بتاريخ 14شباط من كل عام يرتسم في الأجندات اليومية عيد الحب، تحت مسمى «سان فالنتين»، كأن الحب سلعة تباع وتشرى في سوق المزايدات والمساومات، فالتجارة رابحة،

والهدايا المتنوعة الملفوفة بشرائط حمراء تغري المحبين، وواجهات محال الزهور تغص بباقات الورود الحمراء، والشبان والشابات يتسابقون للاحتفال بهذا العيد كل على طريقته، بعكس من بلغ مرحلة الارتباط الزوجي المقدس عمرا مديدا، الذين لهم مساراتهم المشغولة بالاتزان وبالعودة بالذكرى إلى حديث : ليت الشباب يعود يوما، أما حماة الديار والمقاومون فعيد الحب في أجنداتهم يرتفع على فوهات بنادقهم الواقفة على خطوط النار حيث عيد الحب قد فقد الكثير من جمالياته في لبنان وسورية والعراق ومصر وبلدان هذه الأمة العربية المنكوبة بالأعاصير.‏

في 14 شباط منذ عشر سنوات اغتيل في لبنان الرئيس رفيق الحريري، وخيم الحزن على الوطن واعتقل أربعة ضباط لا ناقة لهم ولاجمل، وابتليت سورية البلد الشقيق بالتهم الجزاف، وكان ما كان من فروسية عنترية الهوى امتطاها شياطين الغفلة في ليلة دهرية، أودت بهم إلى رفع شعار الثأر بضجيج لم نعهده في حالات دولية مشابهة، فحين اغتيل رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم جون كنيدي وهو في حراسة مشددة لم تقم القيامة ولم تتشكل المحاكم الدولية ولم يرهق الشعب الأميركي بدفع أمواله لمحكمة تعمل بالريموت كونترول، وحين اغتيل الرئيس رشيد كرامي وهو في سدة رئاسة الحكومة لم تقم الدنيا ولم تقعد وأصبح المتهم بقتله مرشحاً لرئاسة الجمهورية، فكما هو معروف في عالم السياسة أن رجل السياسة هو رجل ارتضى أن يضع نفسه في دائرة الخطر إكراما لبناء وطنه الذي ارتضى وهو بكامل قواه العقلية أن يخدمه عبر رعاية مصالح المواطنين وتدبير أمورهم والحرص على الوطن تجاه كل خطر محدق، لكن أن تصبح عملية اغتيال أي مسؤول عبئا ثقيلا على الشعب ومدعاة لفرض الضرائب، من أجل تسديد ما هو مفروض لمحكمة دولية لن تصل إلى مبتغاها فهو الأمر المستغرب، خصوصا حين الصورة واضحة تماما أن من خطط ونفذ هو من أوجد تلك المحكمة من أجل تمويه فصول المؤامرة على سورية التي بدأت باغتيال الرئيس رفيق الحريري، الذي كان مرسوما في ما سبق، وغايته ما حصل وما هو حاصل لتاريخه في سورية والعراق وفلسطين ومصر، توصلا إلى إلهاء دول الطوق العربي عن مسألة الصراع الغربي الإسرائيلي، كي تهنأ إسرائيل التي أصبحت بفضل صمود سورية وضربات المقاومة عاجزة عن المجابهة وعاجزة عن الهجوم كلما فاض هواها القائم على القتل والإرهاب والتدمير.‏

في عيد الحب يتقدم الجيش السوري وشباب المقاومة إلى تخليص الناس من بين براثن القوى الإرهابية التي حمتها الدول المجاورة ومولتها الدول الشقيقة، وفي عيد الحب يرابط الجيش اللبناني مقابل جرود عرسال مخافة أن تكتسح عصابة داعش الإرهابية أرض الوطن لبنان، وفي سيناء يقف الجيش المصري متأهبا في وجه العصابات التكفيرية التي تفجر وتقتل وتستبيح وطنية المصريين وعروبتهم، وفي العراق يقف الجيش العراقي ضد كل متآمر على بلاد الرافدين، بصريح العبارة عند كل هؤلاء يبقى عيد الحب هو عيد النصر الذي من أجله يبذلون أرواحهم والدماء فداء للوطن والمواطن على حد سواء.‏

للأسف ونحن نشهد في لبنان حركات حوارية ترطب الأجواء، وخصوصا أن المنطقة مقبلة على تسويات مهمة، ومن يقرأ بين السطور بوعي وعقل، يعرف أن سورية بقيادتها وصمود جيشها وشعبها قد أجبرت دول الاستكبار على تغيير سياساتهم وفهمهم القائم حاليا على استيعاب كرامة دولة، لم تنكسر سيوفها ولم تخمد عقول قادتها، ولم تستسلم لقوة باغية طاغية، من منطلق إما العيش بكرامة وسؤدد ومجد، وإما الموت المشرف في ساحة المعركة، هذا ما رسم في سورية التي أجبرت أميركا للقول على لسان دي ميستورا: «الأسد جزء من الحل لتخفيف العنف»، أضف إليه ما سمعناه في عيد الحب في لبنان من كلام ناري متشنج لا يحترم عيد الحب ولا يدرك أبعاد الحب للوطن والناس وللغائب المحتفى برحيله، ولا مفاهيم المتغيرات العالمية، لأن الهدف واضح من حيث إسقاط الحوار الهش، الذي بدا أنه من فعل فاعل، ساعة يشاء يقوم يضغط أزرار الريموت كونترول الذي يحدد نقاط العبور.‏

في عيد الحب أقول ارحموا الرجل في غيابه، الرجل الذي قال : «همي سورية ولبنان طالما هما بخير أنا بخير»، أزيحوا عن غيبته خرافاتكم وافتراءاتكم وفبركاتكم التي أتحفتم بها المحكمة الدولية حين جعلتموه راشياً ومرتكباً ومأموراً وخائناً لسورية والعروبة والمقاومة وفلسطين وهلم جرا ..‏

إن سورية وسلاح حزب الله هما عنوان عيد الحب، لأنهما هوية كل عربي صميم، وكل مخلص لقضية فلسطين، بصريح العبارة لن نقتنع إلا بكل من يدفع عن كرامة الوطن ضريبة الدم من أجل حمايتنا كمواطنين في أرضنا وديارنا، اما الحب المغمور بالحقد فليس منا ولسنا أهلاً له.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية