|
دراسات فإنه لا يمت بأية صلة للمشروعية والمنطق أن تصل الخلافات إلى حد الصراع الدموي بين فصائل الخندق الواحد في نهاية المطاف. فالاعتقالات المتبادلة والتصفيات الجسدية بين الإخوة لن تجلب سوى الهزائم والخسارة للقضية الوطنية التي من المفترض أن تجمع الجميع , فقضية الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في حياة حرة كريمة في وطن مستقل سلب منه بالقوة الإسرائيلية الصهيونية, تحتاج إلى الجميع وإلى وحدة كلمة الجميع, وإذا كان متعثراً وحدة الكلمة فإن ذلك لا يبيح للفرقاء المختلفين أن يشهروا السلاح في وجه بعضهم البعض, فإراقة الدماء اليوم في غزة ليس خطأ تاريخياً بل ويضع القضية العادلة لهذا الشعب المعذب في متاهة الضياع تحت أقدام قوات الغزو الصهيوني الغازي التي لم تحلم بيوم أكثر سعادة وفرحة لها كاليوم الذي تسفك فيه دماء الفلسطينيين بأيدي بعضهم البعض. إن المأساة التي يعيشها شعب فلسطين منذ أكثر من ستين عاماً كأنها لم تكن كافية, لكي تكون عاملاً موحداً لهذا الشعب الذي فقد وطنه وطرد منه وشرد في مختلف أصقاع الأرض, إن الكارثة لأي شعب محتلة أرضه على يد الغزاة الأجانب, أن لا تصل قياداته السياسية إلى مستوى التضحيات والمآثر والطموحات التي كرس الشعب الفلسطيني كل حياته من أجل بلوغها والوصول إلى وطن أو جزء منه ينعم فيه بدفء الأرض الأم, وعوضاً عن التمحور على التناقض الرئيسي وتوحيد القوى لمواجهة العدو المشترك, نجد الفصائل تنشغل بالخلافات الداخلية التي بطبيعتها ثانوية محولة إياها إلى خلافات تناحرية. لا شك أن السبب الرئيس لهذه المأساة يكمن في عدة عوامل أبرزها: المعاناة التاريخية الطويلة لشعب فلسطين وتباين الرؤى في إيجاد حل للقضية الفلسطينية, استمرار البطش الإسرائيلي والقتل والاعتقال لكل فلسطيني لمجرد أنه فلسطيني. إن السلام لا تصنعه سوى القوة المكافئة لقوة الجلاد, وفي زواريب البحث عن حلول يعتقد البعض أنها ممكنة عن طريق المساومات والتنازلات والتي انتهت جميعها إلى الطريق المسدود ,تبدأ المحاولات من قبل الضحية لإيجاد مخرج من دوامة العنف التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء فلسطين إن كان في غزة أو الضفة الغربية وحيال ذلك تبدأ الجدالات, والمؤسف أن البعض يعتقد أنه بقدر ما يقدم الجانب الفلسطيني من تنازلات يمكن الاقتراب من السلام, ولكن الواقع أقوى من كل هذه القناعات وسرعان ما يتبين حتى لمن يعتقد بإمكانية تحقيق السلام بهذا النهج بأنه طريق لا نهاية له , وهنا تبدأ الخلافات وكأن المسؤول عن تطورات الأوضاع إلى ما وصلت إليه من تعقيدات لا الجانب الإسرائيلي وإنما الجانب الفلسطيني بينما يجد الكيان الصهيوني في هذه الخلافات فرصة لإذكاء نيران هذه الخلافات ويدفعها إلى حدود الاحتكام للسلاح , ويقوم بصب الزيت على نيران الفتنة التي صنعها بيده, والمدهش أن المقاتلين الاخوة غير متنبهين إلى أنهم يتحاربون ولا تزال أراضيهم الوطنية تحت الاحتلال أي أراضي ما يسمى الحكم الذاتي الفلسطيني, وكأن هؤلاء الإخوة المتحاربين لا يهتمون ولا يكترثون بنظرة العدو الصهيوني لهم جميعاً كأعداء ولو أبدى هذا العدو رضاه على البعض ويتحدث عن هذا البعض وكأنه صديق له, ولكن لننظر ولو نظرة سريعة إلى الاتفاقات التي وقعها الجانب الفلسطيني مع العدو الصهيوني من أوسلو إلى خارطة الطريق إلى اتفاقية التهدئة, لنجد أن هذا الكيان الغاصب ما زالت لاءاته على ما هي عليه كما كانت دائماً. فما زال يمارس الاستيطان ويوسعه في الأراضي العائدة لسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني, وما زال يقتحم المدن والقرى الفلسطينية يقتل من يقتل ويعتقل من يعتقل وكأنه لا وجود لأي اتفاقيات أو معاهدات أو تهدئة, وفي ظل هذه الاتفاقيات زاد الاستيطان وتم قضم المزيد من الأراضي وبناء الجدار العازل وعدم الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المفترضة,ويتابع هدم البيوت وجميع اللقاءات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تجد نفعاً , وما زالت إسرائيل تستغل الصراع الفلسطيني - الفلسطيني لتفرض حقائقها الجغرافية والسياسية على الأرض وبالتالي تتآكل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني, والمقاتلون يتوهمون بأنهم يملكون سلطة فعلية إن كان في غزة أو الضفة!. لقد حان الوقت لصحوة وطنية فلسطينية تدفع الجميع للبحث عن العامل الإسرائيلي في الخلافات واستفحالها , فالشعب الفلسطيني لا يستحق هذا الظلم على يد قادته وحان الوقت لإعادة فرض منطق الحوار والتلاقي ووحدة الصف مهما بلغت فيه الخلافات من مستويات خطيرة, الوطن الفلسطيني في خطر وما على أبنائه إلا إزالة الغشاوات السوداء عن عيونهم ليروا بأن خدمة فلسطين وقضية فلسطين تحتاج إلى نزع فتيل الاقتتال وتراص الصفوف لمقاومة العدو الصهيوني الغاصب والمعتدي وبذلك فقط يمكن استعادة الحقوق المشروعة لأصحابها الشرعيين. |
|