تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خر ج مثل أي بهلوان!

يديعوت أحرونوت
ترجمة
الاثنين 11/8/2008
ترجمة: ريما الرفاعي

حرب لبنان الفاشلة والتي أثارت الكثير من الاستياء لدى الإسرائيليين اختفى ذكرها من خطاب استقالة ايهود أولمرت وكأنها لم تكن شيئاً فظيعاً وإنما مجرد حلم قبيح.

تلك الحرب البشعة تعذر اصطيادها في بحر الكلمات التي تفوه بها أولمرت والذي كان مخطئاً عندما اعتقد أنه بعودة جثتي الجنديين المخطوفين لدى حزب الله ينتهي الكلام بشأنها, ذلك أن ملف تلك الحرب لن ينتهي إلا عندما يستقيل أولمرت ويذهب إلى منزله.‏

يريد أولمرت الاستقالة والخروج من مكتبه بالشكل الذي خرج فيه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير, لكن الحظ لم يحالفه, وخرج مثل أي بهلوان.‏

من الواجب أن يكون هناك ثمن لتلك الحرب التي لم يتم التطرق لها في حديث أولمرت, يجب أن يكون هناك ثمن لإزهاق أرواح 160 إسرائيلياً بلا مبرر, وللصدع الرهيب الذي خلفته هذه الحرب بين القوات العسكرية والقيادة التي أرسلتها إلى الميدان, أولمرت دفع الثمن كما دفعه من قبل شركاؤه في تخطيط وإدارة هذه الحرب وزير الدفاع عمير بيرتز ورئيس الأركان دان حالوتس, لقد تعرض للنيران من جميع الجبهات منذ أشهر عدة إلا أنه قرر الآن النهوض والتنحي عن منصب رئاسة الوزراء, أولمرت قال إنه لا يعتزم ترشيح نفسه لزعامة حزب كاديما, ما هذه المفاجأة? الكل يعلم أن شعبيته وصلت فقط إلى 6% في الآونة الأخيرة, واستقالته كانت متوقعة, بل مطلوبة في أي وقت, خطاب الاستقالة كان مثالاً صارخاً على قدراته الشفوية ومهاراته الاعتذارية لدى أغلب الجمهور الذي اختبر هذه القدرات في كثير من المناسبات, ولعله بات يتطلع إلى نوعية جديدة من الخطابات تخلو من اللعب على الألفاظ, تلك اللعبة التي طالما أتقنها أولمرت أكثر من أي شيء آخر.‏

( محاربون من أجل العدالة لكن لمصلحة أنفسهم), هذه العبارة أطلقها أولمرت في معرض رده على الهجمات المتوالية التي يشنها عليه خصومه والذين لا يرونه الشخص المناسب لمنصب رئيس الوزراء بسبب حربه الطائشة والخاسرة في لبنان, وبسبب تلقيه الكثير من الأموال بشكل غير شرعي من رجل الأعمال تلانسكي والتي أنفق معظمها على رحلاته الخاصة على متن طائرات وفي الدرجة الأولى إلى أماكن فارهة في نيويورك وغيرها.‏

العجائب والمعجزات‏

ألقى أولمرت خطاباً وداعياً صور فيه فترة حكمه كحقبة مزدهرة لاتذخر إلا بالانجازات والنجاحات من كل نوع, صور نفسه مثل ساحر يخر ج الأرانب من القبعة: الهدوء في شمال إسرائيل والتطور العسكري في قوات الجيش وانتعاش الاقتصاد وانخفاض نسبة الفقراء والرعاية الصحية وإنقاذ حياة الكثير من الأطفال, وطبعاً لم يذكر الاتفاقيات الموقعة مع كل من الفلسطينيين والسوريين.‏

لكن ماذا عن حزب الله الذي ضاعف قدراته? وماذا عن الأموال الضخمة التي أنفقت من أجل ملء ا لمخازن الاحتياطية في الجيش الإسرائيلي وتلك التي أنفقت على تدريب قوات الاحتياط? وماذا عن الوعود غير المنفذة بالنسبة إلى الأطفال في المؤسسات.‏

إن الخطاب كان عن العجائب والمعجزات وخالياً من ذكر التعيينات غير الضرورية التي أقدم عليها, ومن ذكر الوزراء الذين لم تكن الحكومة بحاجة إليهم والذين تمت الاستعانة بهم من أجل دعم الائتلاف, فضلاً عن الوعود الماكرة للشركاء في الائتلاف والتي لم ينفذ منها شيء. لقد استغرق الأمر عامين لينال أولمرت العقاب الذي يستحق, بعد أن نجا في نهاية الحرب من ضغوط كثيرة كان كل واحد منها كفيلاً بالإطاحة بأي حكومة أخرى: المسيرات والاعتراضات والالتماسات وخطاب ديفيد غروسمان عن الحكومة الفارغة التي يترأسها أولمرت, ثم مطالب الأسر المنكوبة جراء الحرب, واتهامات المحكمة العليا وتقريرا فينوغراد الأول والثاني.‏

وبالقدر نفسه الذي كان عليه عند التلاعب بالصفقات المشبوهة, لم يحسب أولمرت أي حساب للقوى التي أصبحت أقوى منه وباتت تمثل العدالة الطبيعية, إن الإحساس بالعدالة الذي ينبع من داخل الإنسان والذي بدأ يطفو إلى السطح بعد انتهاء الحرب, يمثل الإحساس الذي يقول لنا ماهو صحيح وماهوخاطىء.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية