تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أسوأ فترة حكم في تاريخ اسرائيل.. الصراع القادم على السلطة بين ثلاثة أشخاص تجمعهم الضغائن وتصفية الحسابات

من الصحافة الإسرائيلية
ترجمة
الاثنين 11/8/2008
إعداد وترجمة : احمد ابو هدبة

لم يفاجأ إعلان اولمرت عن نيته بعدم ترشيح نفسه لانتخابات حزب كاديما في السابع عشر من أيلول القادم أحدا من المراقبين السياسيين,

فقد عاش هذا الرجل فترة سياسية مترعة بالخيبات والسقطات والفساد ,وكان من المفترض ان يرحل عن الحلبة السياسية في إسرائيل فور انتهاء الحرب العدوانية على لبنان , عندما تكشفت نتائج تلك الحرب, والصدمة الكبيرة التي خلفتها تلك النتائج في الشارع الاسرائيلي, غير ان خشية إدارة الرئيس بوش من ان تسبب استقالة اولمرت وبالتالي رحيله عن الحياة السياسية عدم الاستقرار السياسي والحزبي في إسرائيل ,فقد اثر بوش وإدارته إسناد عبر الزيارات المتكررة لإسرائيل ودعوة اولمرت لواشنطن والدعم السياسي والمعنوي الذي حظي به من صديقه بوش قد أطال في عمره السياسي, لكن قرار اولمرت عدم ترشيح نفسه الذي يعني رحيله عن الحياة السياسية جاء من باب ملف الفساد وليس من بوابة الهزيمة في الحرب على لبنان وهو أمر يخفف قدر الامكان في نظر كثيرمن الكتاب الإسرائيليين الآثار المعنوية لتلك الهزيمة من جهة ويسهل على اولمرت الرحيل دون جلبة بعد ان حملته لجنة فينوغراد هو وحكومته الائتلافية مسؤولية الفشل في تلك الحرب من جهة ثانية.‏

اولمرت يغادر الحياة السياسية ويترك خلفه حزبا لا يشبه الأحزاب المتعارف عليها حتى في إسرائيل نفسها , فهذا الحزب ورثه اولمرت عن شارون الذي لازال يعيش حالة من الموت ألسريري ,وهو الحزب الذي شكله شارون على طريقة الأفلام التلفزيونية من مجموعة من الأشخاص الذين ضاقوا ذرعا بأحزابهم والذين يطمحون للوصول الى السلطة بأية طريقة بدءا من شمعون بيريز مرورا بموفاز وانتهاء بدختر, فحتى ألان لا يملك هذا الحزب بنية تنظيمية أسوة بالأحزاب الاسرائيلية الأخرى.ويختلف معظم زعمائه في الرؤى السياسية علاوة على الأزمة الداخلية التي يعيشها كما تعيشها جميع الأحزاب الاسرائيلية الصغيرة والكبيرة على السواء.‏

والصراع على زعامة الحزب بدأ عندما أقر حزب كاديما, وتحت تهديد حزب العمل الشريك في الائتلاف الحكومي, منتصف أيلول , سبتمبر المقبل موعداً لانتخاب زعيم جديد للحزب يخلف اولمرت الذي ينوء بعبء العديد من الهزائم والإخفاقات وملفات الفساد.‏

ويريد كاديما و العمل من انتخاب زعيم جديد يشكل حكومة جديدة, قطع الطريق على ليكود وسائر أحزاب المعارضة اليمينية الطامحة إلى انتخابات عامة مبكرة تؤكد استطلاعات الرأي أنها ستأتي بها إلى سدة الحكم.في مقابل عدم اهتمام أحزاب كديما و العمل و المتقاعدين وحتى شاس بتقديم الانتخابات خشية سقوطها.‏

ويتصارع على زعامة كاديما في الانتخابات الداخلية أربعة مرشحين هم تسيبي ليفني وزيرة الخارجية وشاؤول موفاز وزير المواصلات ووزيرا الأمن الداخلي آفي ديختر والداخلية مئير شيتريت , ووفقاً لاستطلاعات الرأي في أوساط الأعضاء الرسميين في كديما الذين يصل تعدادهم نحو 70 ألف عضو, فإنه لو جرت الانتخابات على زعامة الحزب اليوم لحصلت ليفني على 38 في المائة من الأصوات في مقابل 33 لموفاز, و13 لديختر, و8 لشيتريت, ما يستوجب إجراء جولة ثانية. وبحسب الاستطلاع, فإن انحصار المنافسة بين ليفني وموفاز تمنح الأولى 47 في المئة في مقابل 45 في المئة لموفاز, أي بفارق بسيط جداً.‏

ووفق معهد داحف لاستطلاعات الرأي فان تقليص الفارق بين ليفني وموفاز إلى 2 في المئة يعد انقلاباً حقيقياً, فحتى قبل فترة وجيزة بدا أن فوز ليفني شبه مؤكد, غير انه وبحسب يوسي فيرتر الخبير بالشؤون الحزبية الاسرائيلية : أن النيران التي فتحها اولمرت على تسيفي ليفني الأسبوع الماضي واتهامه لها بالغدارة والكاذبة وحاملة السكاكين فضلاً عن تشكيكه بقدراتها على إدارة دفة الأمور في الدولة ,قد فعلت فعلها في قاعدة كاديما.‏

يضاف إلى ذلك أن موفاز نجح في الأشهر الأخيرة ومن موقعه كوزير للنقل ومسؤول عن عدد من كبرى أماكن العمل في إسرائيل -الموانئ والقطارات ومختلف شركات المواصلات- في تنسيب الآلاف من أنصاره لحزب كاديما ليصوتوا له في الانتخابات الداخلية. وبسبب رفض موفاز مشاركة ليفني وديختر في مطالبتهما اولمرت بالتنحي على خلفية ضلوعه في الفساد, يعتزم الأخير أن يرمي بما تبقى له من ثقل داخل كديما ليدعم ترشيح موفاز, ليس حباً به بقدر ما هو كره لوزيرة الخارجية.وهكذا أصبح موفاز منافساً شديداً لليفني على زعامة كديما, وهو مقتنع بأنه في حال فوزه بالمنصب, لن يواجه صعوبات في تشكيل حكومة جديدة بمشاركة أحزاب الائتلاف الحالي, مع احتمال ضم أحزاب أخرى من اليمين, علماً أنه يميني بآرائه السياسية ومتشدد في القضايا الأمنية, وهو الذي انتمى إلى ليكود اليميني عام 2002 بعد ان أنهى خدمته العسكرية التي استمرت أربعة عقود. ويخوض موفاز معركة انتخابية مدروسة للغاية أمام ليفني.‏

وبموجب نصيحة المستشار الأميركي أرثور فنكلشتاين الذي أوصل قبل 12 عاماً نتانياهو إلى سدة الحكم, فإن عليه التمحور في قضيتين أساسيتين في دعايته الانتخابية: الأمن الوجودي والشخصي للإسرائيليين, ونظافة اليدين.‏

وأيا تكن نتائج الانتخابات الداخلية في حزب كاديما . وبصرف النظر عن الشخص الأوفر حظا في زعامة هذا الحزب , فان العديد من المهتمين بالشأن الحزبي الإسرائيلي يتوقعون بان يعيش المشهد السياسي الإسرائيلي والحزبي حالة من الفوضى السياسية وان الواقع السياسي ينتظره المزيد من الهيجان وعدم الاستقرار.إذ لم تعد الأحزاب السياسية تعني الشيء الكثير بالنسبة للإسرائيليين , على ضوء سقوط الحزبين الكبيرين والأزمة الطاحنة التي تعيشها جميع الأحزاب الاسرائيلية دون استثناء , وفي ظل استمرار انعطاف مجمل التجمع الاستيطاني الصهيوني نحو المزيد من اليمينيةو التطرف حيث تجاوز هذا الانعطاف الأحزاب بمجملها ليعبر عن نفسه بثلاثة كتل بشرية أساسية الكتلة الاكبر وهي اليمين بكل تلاوينه القومية والدينية , واليمين الوسط , واليسار الوسط ,رغم انه لم يعد هناك شيء اسمه يسار في إسرائيل لكن مثل هذه التسمية تطلق مجازا .كما انه لا توجد أية فوارق سياسية بين هذه الكتل الثلاث وخاصة فيما يتعلق بقضية الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية , فالكل في إسرائيل يريد دولة يهودية خالصة ويعارض عودة اللاجئين والقدس عاصمة لفلسطين .‏

وعلى الرغم من ان استطلاعات الرأي تعطي زعيم الليكود واليمين الصهيوني التقليدي,نتنياهو نسبة 41 %من أصوات الناخبين وترى فيه:( الأكثر ملاءمة لمنصب رئيس الحكومة فان ما يعزز مثل هذه الاستطلاعات توقعات فشل حزب العمل في تحقيق الفوز في أية انتخابات مقبلة في ظل زعامة باراك , وكذلك التوقعات بان يتحول حزب كاديما الى معارضة في حال عدم تمكنه من الحصول على مقاعد برلمانية تؤهله الدخول في حكومة ائتلافية مع حزب والاهم من ذلك كله الدعوات المتزايدة لتوحيد اليمين الصهيوني التقليدي والقومي والديني وآخرها دعوة اليميني المتطرف أيفي إيتام الذي يتزعم جماعة (أحي ) بقوله: إذا لم تتحالف مكونات الاتحاد الوطني( مع حركات يمينية أخرى مثل الليكود فإن الانهيار حتميّ ويعتبر ايتام ان مصلحة إسرائيل : التوجه إلى انتخابات وتتطلب حكومة قادرة على التصدي للمشكلات الصعبة الماثلة أمامنا وبينها (تمرّد عرب إسرائيل).وما يجدر ذكره ان مكونات الاتحاد القومي (حزب المتدينين- الوطني المفدال , تكوما- النهضة, موليدت ومجموعة آحي) تطالب بحل الكنيست والدعوة على الفور لانتخابات .‏

وفي هذه الأيام, وحسب التوقعات بان الكنيست الإسرائيلي في طريقه إلى الحل , تستعد الحلبة السياسية الإسرائيلية لانتخابات جديدة, تقف هذه الأحزاب والحركات المكونة للاتحاد الوطني على أعتاب اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستسير في طريق الوحدة الكاملة أم أن الانقسام سيكون حتمياً.‏

وكان إيفي ايتام قد أثار مؤخراً عاصفة في حزب المفدال بدعوته لجرد العضوية, حذر في مقابلة أجرتها معه صحيفة هتسوفيه من أنه إذا لم تقرر الأحزاب المذكورة قريباً السير في طريق الوحدة الكاملة, وإذا لم تتخذ أيضاً قراراً استراتيجياً باتجاه الوحدة مع مجموعات أخرى, كالتحالف مع حزب الليكود مثلاً, فإن الانهيار سيكون حتمياً.‏

وأضاف ايتام : أشعر بأننا إذا لم نتخذ الخطوة الصحيحة التي تمكن الحزب من الحصول في الاستطلاعات على خمسة إلى ستة مقاعد على الأقل, فسوف نخون رسالتنا الهادفة إلى خلق بديل سلطوي بالمفهوم القيمي والأمني والقانوني. هذه الرسالة ليست فقط من أجل الجمهور الديني- الوطني وإنما من أجل الدولة. إذا لم نفعل ذلك ستبقى الدولة عالقة تراوح مكانها, لأنه لا يوجد في الحقيقة فرق بين إيهود باراك وإيهود أولمرت.‏

وبصرف النظر عمن يفوز بالصراع على زعامة كاديما سيقر إذا ما كان يريد الاستمرار بالسير بالائتلاف الحكومي حتى نهاية فترة هذه الحكومة القانونية أم انه سيدعو لحل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة , فان الصراع على السلطة في إسرائيل ينحصر في هذه المرحلة بالذات بين ثلاثة شخصيات لا تجمعها سوى الضغائن والأخذ بالثأر وتصفية حسابات قديمة وهي باراك , الذي اسقط نتنياهو , ونتنياهو الذي يحلم بإسقاط باراك في الانتخابات المقبلة , ومن ينتخبه كاديما الذي من الممكن ان يحدد شكل التحالفات التي ستسبق الانتخابات العامة الاسرائيلية القادمة .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية