|
هنا جولاننا عن طريق حصر الثقافة والاعلام والوسائل التعليمية بالمصادر الإسرائيلية ومنع ومصادرة كل ما من شأنه تعزيز الثقافة الوطنية والقومية العربية وعزل سكان الهضبة عن بقية المناطق المحتلة وعن الوطن الأم ثقافياً وإعلامياً واقتصادياً, وفرض منهاج تعليمي يخدم الاحتلال وممارساته وسياساته وإلغاء المنهاج المعمول به في المنطقة قبل سيطرته على الأراضي العربية بالإضافة لفرض القيود الكبيرة على من يحملون الاجازات الجامعية والحد من نشاطاتهم وإعاقتهم عن تنظيم برامج وندوات التوعية التي تعود بالفائدة على الأهالي الذين تحاول سلطات الاحتلال تنظيمهم في نقابات ونواد إسرائيلية لكنها فشلت في ذلك وأقفلت هذه النوادي حتى عمدت فيما بعد لتضييق الحصار أكثر ومنع الصحافة من الوصول إلى الهضبة وخاصة الصحف الفلسطينية مثل الاتحاد والقدس والميثاق, ومن يخالف ذلك يقع تحت طائلة العقاب وتنشر بدلاً عن هذه الجرائد والمجلات كتباً تمجد (إسرائيل) وتاريخها وأناشيد ومناسبات أعيادها ومشاريعها الاقتصادية, كما تركز على مادة التاريخ العبري قديمه وحديثه وعلى اللغة العبرية وشعراء الكيان وأدبائه وعلى القصص التاريخية وتوجهاتها وأهدافها العدوانية والتوسعية وتمجيد العدوان واحتلال المزيد من أراضي الغير بالقوة وبالمقابل تقليص دراسة اللغة العربية إلى أدنى حد والتركيز في الموضوعات المطروحة على النواحي السلبية مثل أشعار التناحر القبلي والعشائري وأشعار الغزل والثأر والانتقام وكل ما يضخم الروح الفردية بعيداً عن الأدب الوطني وعمالقة الأدب والفكر وتشويه التاريخ العربي وتغيير أسماء الأماكن, وضرب كل المظاهر الوطنية وملاحقة حتى من يملك في بيته أو سيارته شريطاً مسجلاً يحتوي أغاني وطنية أو أموراً تتعلق بالثقافة والتراث أو ألوان العلم السوري والشعار الذي اعتاد السكان تطريزه وإبرازه في صدر بيوتهم. والحديث في هذا الخصوص يطول لأن السلطات الإسرائيلية اتبعت إضافة إلى ما تقدم سياسة التجهيل المنظم عوضاً عن سياسة التعليم وتجلت هذه الممارسات في عدة أشكال بعد أن قامت بإقالة المعلمين في المدارس وعينت بدلاً عنهم معلمين لا يحملون الثانوية العامة بهدف محو الشخصية العربية وتهميشها وتذويبها وخلق جيل جديد من الطلبة منفصل عن تاريخه وتراثه ووطنه وأمته وذي ثقافة ضحلة وسطحية تهتم بظواهر الأمور, ومحاولة إظهار إسرائيل واليهود بشكل عام بأحسن صور ممكنة مقابل الحط من العرب وحضارتهم وتصويرهم على أنهم أناس متقاعسون في كل شيء وغير قابلين للتطور. أمام هذا الواقع ارتفعت الأصوات العربية المنددة والمستنكرة لهذه الإجراءات الجائرة ونظم الشباب العربي أنفسهم لمواجهة هذه التحديات الظالمة وعلى أكثر من صعيد إلا أن سلطات الاحتلال كعادتها مستمرة بغطرستها تلك وتحاول قمع هؤلاء في أكثر من مناسبة ولا تزال. |
|