تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


البيت الدمشقي يستعيد ألقه

دمشق عاصمة الثقافة
الاثنين 11/8/2008
فادية مصارع

يقول الشاعر لامارتين:( إن تسألوني عن الجنة الحقيقية آخذكم إلى بيت وراء الأموي يعانق بالمحبة كل الوافدين).

أما بايرون فكان ينبوع قصائده نافورة شفافة منثالة على البحرة في بيت دمشقي.‏

وإذا كان كتّاب وشعراء الغرب قد شغفوا بسحر وجمال البيوت الدمشقية فما بالنا نحن نجهلها أو نتجاهل قيمتها ومدينتنا تشتهر بأجمل البيوت ذات الطابع الأصيل إذ لا تزال العشرات من بيوت دمشق القديمة شاهدة على عبقرية المعماري تعكس الأصالة والذوق والفن الرفيع لكنها تنتظر من يحييها ويعيد الروح إليها من جديد. وهنا يحضرني بيت الشاعر فخري البارودي الذي كان محط الأنظار وكانت سهراته في حي القنوات تضم الصفوة المختارة من أهل الفن والظرف والسياسة والصحافة والأدب .‏

لكن يبدو أن الغيارى على دمشق وأصالتها وتراثها أرادوا بعث الروح في ثنايا تلك البيوتات وإحياء عاداتها الجميلة. فأسسوا جمعية أطلقوا عليها اسم (البيت الدمشقي) من أولى أهدافها إقامة أنشطة ثقافية فنية تراثية وسط الأحياء الشعبية بالتعاون مع السكان والسعي لتطوير المهن اليدوية التراثية التي تساهم في الحفاظ على الذاكرة الشعبية للمدينة إضافة إلى الحفاظ على بيوت دمشق القديمة التي باتت تتعرض للتشويه نتيجة الاشغالات التي لا تتماشى والطبيعة الأثرية للمدينة.‏

والجمعية تسلط الضوء أيضا على جماليات العمارة في المدن القديمة من خلال التعاون مع وسائل الاعلام عند إقامة مثل هذه النشاطات فضلا عن التعاون مع المؤسسات الرسمية والجمعيات الأهلية الرديفة والمكملة للعمل الوطني.‏

على بعد خطوات من بيت الشاعر الكبير نزار قباني وفي حي الشاغور تحديدا ببيت دمشقي يدعى (بيت زغلولة) أقيم النشاط الثقافي الثاني للجمعية بأمسية شعرية أحيتها الشاعرة الشابة رزان أياسو قدمها رئيس الجمعية الأستاذ مروان مراد, وقد تجمع في أرض الدار الدمشقية حشد كبير من الحضور اشتاقوا إلى سماع الشعر وسط أشجار النارنج والكباد وزقزقة العصافير وبين أخصان الياسمين بعيدا عن القاعات المغلقة في جو الصيف القائظ حيث يداعب أغصان الأشجار هواء لطيف هادىء وخال من دخان النراجيل أو طقطقة أحجار النرد ضمن هذا النطاق , انثال الشعر على لسان الشاعرة بكلمات عذبة وأنيقة ما أشعر الحضور أن الثقافة لا تزال بخير لكن الجمهور سئم روتين المراكز الثقافية والدليل على ذلك أنه لم يكن هذه المرة مستمعا فقط بل شارك الشاعرة شعرها إما ثناء أو نقدا وبعضهم سجل انطباعاته وملاحظاته في دفتر البيت الدمشقي العتيق لكأن روح الشاعر القباني كانت حاضرة أيضا تحوم في أرجاء البيت الدمشقي وتبارك خطوات كل من ساهم في تأسيس هذه الجمعية من الأعضاء الناشطين من أبناء دمشق وغيرها, ولكأن صدى صوته كان يردد‏

ها هي الشام بعد فرقة دهر‏

أنهر سبعة وحور عين‏

والسماء الزرقاء دفتر شعر‏

والحروف عليها سنونو‏

آه يا شام كيف أشرح ما بي‏

وأنا فيك دائما مسكون‏

أما الشاعرة رزان أياسو صاحبة الأمسية الشعرية والتي أصدرت مجموعتين شعريتين وهما همسات جريئة وامرأة فوق الوهم, وهي بصدد إصدار مجموعتها الشعرية الجديدة بعنوان صوت في المدى فقد عودتنا أن تأتي من بلاد الغربة كل سنة مرة لترش عطر شعرها في المدينة التي أحبت ولتشارك أهلها أحزانهم وأفراحهم .‏

بدأت أمسيتها بقصيدة أهدتها إلى أرواح الشهداء الذين عادت رفاتهم إلى أرض الوطن في عملية تبادل الأسرى الأخيرة .تقول في قصيدتها (تحية إلى روح الشهيد).‏

قتلوه وظنوا أنهم ارتاحوا‏

واستباحوا رائحة الزيتون وعطر الليمون‏

وتنزف الجراح‏

قتلوه وظنوا أنهم ارتاحوا‏

أما علموا قبل أن يجتاحوا‏

بأن الحق لا يرميه سلاح‏

وأن الشهيد للنصر مفتاح‏

قتلوه وأراحوا حيا في نعشه تولد‏

من روحه أرواح‏

وسيوف وبنادق ورماح‏

قتلوه ومن ورائه أجيال‏

للمجد سفر وجناح‏

فكيف ظنوا أنهم ارتاحوا‏

دم الشهيد قسم وإفصاح‏

لنا مواكب الورد ومساكب الشمس والأرز‏

والنخيل والتفاح‏

فخبر خفافيش الظلام عني‏

أنهم أبداً لن يرتاحوا‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية