تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القتل بقصد التجهيل

حدث وتعليق
الاثنين 11/8/2008
محمد خير الجمالي

أكثر مايقلق اسرائيل واميركا هو ان يتمكن العرب ودول المنطقة من امتلاك العلم وتوظيفه,في خدمة مشاريع التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي, وكذلك في إطار مواجهة سياسات الهيمنة الاسرائيلية والأميركية التي ترتكز في تنفيذ الكثير من مخططاتها على احتكار العلم وتوظيفه في خدمة تطوير السلاح وذريعة مساعدة دول الشرق الاوسط والعالم على دفع عجلة التنمية فيها.

ومبعث القلق الاسرائيلي والاميركي حيال هذه المسألة يعود إلى خشية إسرائيل وأميركا من أن امتلاك العرب ودول المنطقة لمفاتيح العلم في مختلف مجالاته سيؤدي الى جملة نتائج لاتخدم مصالحهما وسياساتهما ودور اسرائيل في المنطقة وأبرزها على الاطلاق : ردم الهوة العلمية والتكنولوجية الواسعة بينهما وبين دول المنطقة مما يلغي تبعية هذه الدول للسياسة الأميركية بحكم انعدام الحاجة الى المساعدات الاميركية التي غالبا ماتكون مشروطة بشروط سياسية واقتصادية مجحفة,وتصحيح الخلل الحاصل في ميزان الصراع لمصلحة اسرائيل على خلفية كسر التفوق العلمي والإستراتيجي الذي احتكرته اسرائيل بدعم لوجستي من الغرب وأميركا على مدار سني الصراع وجعلته العامل الاساسي لضمان أمنها وممارسة دورها التهديدي في المنطقة.‏

وعلى خلفية هذه النظرة الاستعمارية الصرفة يمكن فهم الأبعاد الحقيقية لقيام الموساد والكوماندوس الاسرائيلي بقتل 350 عالما نوويا عراقيا و300 استاذ جامعي حسب اعتراف الخارجية الاميركية في أحدث تقرير لها,كما يمكن فهم ابعاد الاعتراض الاسرائيلي والاميركي على البرنامج النووي الايراني رغم الطابع السلمي لهذا البرنامج .‏

فكلا الامرين قتل العلماء العراقيين والاعتراض على المشروع النووي الايراني يصبان في سياسة تجهيل دول المنطقة لهدفين اثنين هما: الابقاء على هذه الدول في حالة تخلف دائم تجعلها في حاجة دائمة لمساعدات الغرب التي تعمق تبعيتها له وتمكين اسرائيل من الاحتفاظ بتفوقها الاستراتيجي على دول المنطقة مجتمعة.‏

لن نتطرق الى ماتمثله عمليات القتل هذه من جريمة حرب موصوفة ضد الانسانية والعلم والعلماء والتقدم البشري و تتقاسم المسؤولية عنها اسرائيل كأداة لها وأميركا بدور المساعد على تنفيذها ,لكن مانود الاشارة اليه هنا هو ان الرد على هذه السياسة وماتمثله من جريمة حرب يجب ان يكون في فضح هذه السياسة الاجرامية واستهدافاتها,وفي مقاضاة المسؤولين عنها أمام محكمة الجنايات الدولية .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية