تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بين فخــــري البـــــــارودي.. وخليـــــل مـــــردم

ساخرة
الخميس 11-6-2009م
أحمد بوبس

رغم الهموم الوطنية الكبيرة التي حملها فخري البارودي على عاتقه خلال مرحلة الاستعمار الفرنسي لسورية وبعد الاستقلال، فإن السخرية احتلت حيزاً مهماً من حياته.

فقد كان البارودي يحب النكتة والتعليق الساخر وحتى اللاذع، وأحياناً كان يصوغ تعليقه وسخريته شعراً.‏

ومن سخرياته الشعرية اللاذعة مانجم عن الحادثة التالية: ذات مرة.. استضاف فخري البارودي في قريته (الجرباء) عدداً من الأصدقاء خلال أيام أحد الأعياد. وهؤلاء الأصدقاء هم الشاعر خليل مردم بك وأحمد شاكر الكرمي وزكي الخطيب. ووفّر البارودي لضيوفه كل وسائل الراحة من مأكل ومشرب ونوم مريح ووسائل الرفاهية الأخرى.‏

لكن أولئك الأصدقاء أرادوا في نهاية الاستضافة استفزاز فخري البارودي، فكتب خليل مردم عدة أبيات شعرية على ورقة، وعلقها على أحد جدران الغرفة، ثم غادروا المزرعة دون وداع البارودي.‏

وعندما دخل البارودي الغرفة، لم يجد ضيوفه، لكنه وجد الورقة وعليها الأبيات التالية:‏

ألا ياصاحب (الجربا) بلاك الله بالجرب‏

فإنا قد وجدنا عندك البلوى على كثب‏

فلذع البق والناموس يدنينا من العطب‏

ومذ خفنا الحمام فقد لجأنا منك للهرب‏

فاعتاظ البارودي منهم، ورد عليهم بأبيات على نفس الوزن والقافية، يهجوهم بها قائلاً:‏

ألا ياعصبة الأشرا ر أهل الزور والكذب‏

أأدعوكم.. وأكرمكم وأهجى دونما سبب‏

يلذ كمو الهجاء كما يلذّ الحكُ ذا الجرب‏

فما أنتم سوى (نَوَر) ولستم من بني العرب‏

فشعركمو..ونثركمو وهجوكمو على ذنبي‏

وكما يبدو.. فإن المهاترات الشعرية كانت دائمة بين فخري البارودي وخليل مردم. فذات مرة أولم البارودي وليمة دعا إليها خليل مردم. ورد مردم بوليمة أحسن منها. وبعدها علق خليل مردم على وليمة البارودي التي كلفته وليمة أكبر ببيتين شعريين يقول فيهما:‏

ضل رأيي يوم الوليمة يافخري‏

وكانت إجابتي لك زلة‏

هذه الإبرة التي قد بلعناها‏

بدوما رُدَّت إلينا مسلة‏

فرد عليه البارودي بأبيات يهجوه بها قائلاً:‏

لاتصاحب مدى الزمان بخيلاً‏

فاصطحاب البخيل يورث علّة‏

وخصوصاً إن كان ينظم شعراً‏

فاستعينوا على الهجاء بالله‏

قطع الله ياخليل لساناً‏

لاذعاً منك مثل المسلّة‏

وإذا ماشبعت شتماً وسباً‏

عاضك الله عن لسانك فجلة‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية