تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مجنون يحكي وعاقل يسمع..ممسحة من الصوف

ساخرة
الخميس 11-6-2009م
عادل أبو شنب

-1-

تحب زوجتي شغل الصوف، ومنذ زمن بعيد أرادت أن تشتري لفائف الصوف لتصنع شالاً يقيها برد الشتاء، لكن الأشغال الكثيرة أعاقت جلب اللفائف واستخدامها في صنع الشال،‏

حتى جاء يوم حمستها على صنعه ونزلت بنفسي إلى متجر لبيع الأصواف، فاشتريت لها عدة لفائف من الصوف الأبيض وأتيت إليها وقلت:‏

إليك ماتحتاجينه من أصواف فاعملي على صنع الشال الذي ترغبين وإياك أن تتهاملي حتى يكون لديك في ظرف أسبوعين أو ثلاثة شال أبيض محبوك بيديك.‏

قالت زوجتي:‏

تسلم يدك سأبادر في صنع الشال وستفخر بزوجتك التي تستطيع في هذا المجال صنع الكثير.‏

-2-‏

بدأت زوجتي بصنع الشال فكانت لاتترك فرصة فراغ إلا وتمسك بالصنارتين لحياكة الصوف الأبيض ممنية نفسها أن تفرغ من هذه الحكاية في ظرف أسبوعين، وكنت ألاحظ انهماكها فأخفف من طلباتي حتى ينتهي الشال، ومرت أيام طويلة، وبعد أسبوعين وأكثر فرغت فيهما زوجتي من صنع الشال فكانت تريه لجميع زوار المنزل دلالة على براعته وحسن استخدامها الصوف في صنعه، وذات يوم تركت زوجتي الشال على منضدة في المطبخ بعد أن أرته إلى جيرانها وذهبت إلى غرفة الجلوس لتقطيع كيلو فاصولياء تمهيداً لطبخها على الغداء وبعد أن قطعت الفاصولياء حملتها وذهبت إلى المطبخ فلم تجد الشال الأبيض، الذي كانت متيقنة أنها تركته هناك، عجباً أين ذهب الشال الأبيض؟ هل ضاعت الأيام التي حاكت فيها عشرات من لفائف الصوف لتصنع شالاً يقيها برد الشتاء القادم وراحت تبحث عنه في كل مكان، و أخيراً وجدته وليتها لم تجده!‏

-3-‏

كان الشال بيد (اللفاية) التي تأتي مرة كل أسبوع إلى المنزل لتنظيف البيت رأته بلون الشحار تمسك به اللفاية وتضعه في سطل ماء وتعصره وتمسح به أرض الصالون، لم تستطع زوجتي إلا أن تنهمر دموعها من عينيها على فعلتها التي لم تضيع الصوف الأبيض الجميل فقط، بل أضاعت أسبوعين من عمرها لحياكته أيضاً.‏

صرخت زوجتي بحنق!‏

ماذا فعلت يامجنونة؟‏

قالت اللفاية:‏

ماذا فعلت؟‏

قالت زوجتي: بالشال الأبيض جعلته ممسحة ياعديمة الذوق!‏

قالت اللفاية: نصيب، ظننت أنك أعددت هذا الصوف للمسح والتنظيف.فلم يكن من زوجتي إلا أن دفعتها على برادتها فانفسخ السطل بما فيه من ماء على الشال الذي تعبت في صنعه.‏

ومجنون يحكي وعاقل يسمع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية