تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يحنّون للعب والشقاوة ...ماذا لو عادوا صغاراً ..??

آدم
الأربعاء 30/1/2008
ثمة أشياء جميلة في الحياة لا يقوم بها إلا الأطفال المحصنون بالبراءة ... الذين لا تطال الانتقادات أو نظرات الاستهجان عبثهم وشقاوتهم ...

من منا لم يغمض عينيه متذكراً أيام الطفولة التي ولّت , ويتمنى لو أن الزمان يعود به إلى الوراء ليقوم بشيء طفولي لم يتسن له القيام به , أو يتوق للقيام به ثانية ...‏

فما أول شيء يمكن أن تفعله لو عدت طفلاً ??!‏

( كل إنسان يحب أن يعود طفلاً , ليبدأ حياة جديدة ولتطول حياته أكثر فأكثر )‏

هكذا يعبر محمد الجاسم , رب أسرة كبيرة وجدّ لأحفاد أربعة , في السبعين من عمره, عن توقه إلى استعادة طفولته يقول :‏

أريد أن أعود طفلاً لألعب مع رفاق الأمس لعبة الحجر الصيني وهي حين يتبارز شخصان بحجرين بحيث يتعين على أحدهما أن يصيب حجر الآخر ليخرجه من اللعبة ..‏

ويبتسم العمّ محمد ابتسامة الفائز , وكأنه ربح اللعبة ويتمتم الطفل الموجود داخله : على الرغم من سني هذه إلا أنني لن أتردد في اللعب لو وجدت من يشاركني فيها , لكن من تراه لديه الوقت للعب ? حتى أحفادي الصغار تجدهم دائمي الانشغال بمدارسهم .‏

كذلك يتمنى سمير العيد أن يعود طفلاً يقول :‏

الطفل لا مسؤوليات لديه تطحنه وتلغي إنسانيته وأنا أحب أن أكونه خصوصاً عندما تزيد همومي في الحياة , ومن الأحلام التي أتوق إلى تحقيقها لو عدت صغيراً , السفر مع أهلي , فهو حلم لم أحققه وأنا صغير , كنت أحسد رفاقي الذين يرافقون أهاليهم في رحلات إلى البحر , أو الخارج بينما عشت أنا في ذات المكان إلى أن كبرت .‏

يغمض عينيه على ذكريات الطفولة ويكمل حلمه قائلاً كنت أحلم بالسفر وأرسم في ذهني مغامرة لا تخلو من إثارة وجمال , هذه السعادة يحس بها الأطفال في السفر أكثر من الكبار لأنهم لا يفكرون في أعباء أخرى فهمهم الوحيد اللعب والمرح واكتشاف الجديد .‏

أما عادل الحلبي فتراوده رغبة ملحة بين فترة وأخرى في استعادة مرحلة الطفولة العذبة , المليئة بالبراءة والشقاوة يقول :‏

إذا عدت طفلاً فإن أول ما سألعب به هو الرمل ففي الرمل يمكننا أن ننفس عن طاقة داخلية ونشعر براحة وأحسه يشكل جزءاً كبيراً من حياتي لأنني عشت في منطقة ساحلية , وكذلك أتوق إلى اكتشاف الألعاب الالكترونية , لكنني أخجل من اللعب بالرمل وأنا بهذه السن , رغم أنه في داخلي توق شديد للعب فيه .‏

يتمنى أبو منصور لو أنه لم يكبر ... لكنه سعيد بأولاده إلى درجة أنه لم يعد يفكر في أن يعود طفلاً : يبتسم ساخراً ويضيف : أقول هذا كي لا يغضب الأولاد لكننا جميعاً نشتاق إلى تلك المرحلة لنهرب ولو مؤقتاً من الظروف الصعبة التي نواجهها ونعيش البراءة والفرح ولو عاد بي الزمن إلى الوراء سأطلب من أهلي - وأصرّ على طلبي دمية لألعب بها ... فقد كانت أمي تنهرني كلما حاولت اللعب مع أختي قائلة ( هذه ألعاب بنات شو ما بدك تصير زلمي ??)‏

وبمرح بريء يعكس روحاً طفولية يتابع : اليوم أشتري لحفيداتي الدمى وأشاركهن اللعب بها , لأنني لم أرزق ببنات ... وكذلك أشارك أحفادي الذكور الألعاب الالكترونية التي علموني كيف ألعبها .. لا أخجل أن أقول أنني أمارس طفولتي اليوم مع أحفادي .‏

أما سامر الحايك فهو يتمنى العودة إلى الطفولة التي تعبق بالحرية ومتعة العيش بلا رقيب أو رادع وخاصة كي يتعلم ركوب الزلاجة على عجلات أو ما يسمونه (السكوتر) التي طالما رغب فيها وهو صغير .‏

ويعتقد أن طفولة الجيل الحالي أجمل بكثير من طفولة جيله يقول :‏

ظروف العصر الحالي توفر للأطفال كل شيء , والأهل بدورهم لا يرفضون تلبية معظم طلباتهم حسب الإمكانيات ناهيك عن فقر إمكانيات أهل أيام زمان , الذين كانوا لا يعيرون العديد من الألعاب التي تعد ضرورية لنمو الطفل , أهمية أو اعتباراً .‏

أريد أن أعود إلى الطفولة لألعب في الشارع مع أولاد عمي والجيران ولن أفكر في شيء غير اللعب والضحك والمرح , وسأسعى إلى ممارسة رياضة الوثب العالي التي كنت أعشقها وكانت حلماً بالنسبة إليّ في طفولتي لكنني حرمت من كل هذا لأنني كنت وحيد أهلي , وكانوا يخافون عليّ كثيراً , فياليتني أعود طفلاً ...‏

بدوره يحب أحمد الحاج أن يعود طفلاً وينسى الدنيا ويضع همومها وراءه ... يقول :‏

لو عدت إلى طفولتي سأجعل منها مسرحاً للعب وللعب فقط , لن أقتني لعبة الحرب التي يحبها أطفال هذه الأيام , بل سألعب بلعب مفيدة , وذكية , تنمي المواهب وتبث السلام الداخلي والطمأنينة في قلب الطفل خاصة مع تلك المآسي التي يراها مرغماً في العالم حوله ... ومشاغل الإنسان تزداد يوماً بعد يوم فترهقه وتلهيه كثيراً عن المرح والاستمتاع بالقيام بأشياء طفولية , وربما لو عدت طفلاً كنت سأحقق حلمي في تعلم العزف على آلة موسيقية خاصة الغيتار , وهو حلم راودني , لكن للأسف لم أحظ بفرصة لتحقيقه .‏

وككل الكبار التي طحنتهم مشاق الحياة ومتاعبها , يشير جورج خرموش إلى أن الطفولة جميلة وكلها ذكريات سعيدة وحلوة , وتصرفات الطفولة لا رقابة عليها , وأخطاؤها بلا عقاب , غير أنها تمرّ بسرعة خاطفة ومن دون أن ننتبه إليها فنكبر وتكبر معنا المسؤوليات المرتكزة على القواعد والأحكام والأنظمة ...‏

ويتوق جورج إلى أن يعود صغيراً كي يتعلم التنس والفروسية , لأنه لم يتسنَ له ممارستها في طفولته نظراً للظروف الصعبة , وعدم توفر النوادي كما هي اليوم , ويتردد قبل أن يختم كلامه ويقول : من الممكن أن أتعلم هذه الرياضة اليوم , لكن الوقت لا يسمح والتفكير الدائم بتأمين سبل العيش للعائلة يخطف حتى أوقات الراحة القليلة .‏

الإنسان عندما يتقدم به العمر يحب أن يهرب إلى الوراء ... إلى الطفولة , لأنه يأمل في أن ينتشل نفسه من بؤرة المسؤوليات الملقاة على كاهله ....‏

فماذا تحب أنت عزيزي آدم إذا عدت طفلاً ...............?‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية