تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يأمرونك .. فنفذ?!

الافتتاحية
الأربعاء 30/1/2008
بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود

كل قضايا العالم قابلة للحل بالحوار السياسي .. المهم أن يكون صادقاً ويتجه لإيجاد الحل, وليس إلى التعقيد. والحوار يتناقض كلياً مع التوصيف المسبق, والاتهامات المجانية, التي تخرج وكأنها حالة تثاؤب في واقع لا يسمح بالنوم ولا بالتثاؤب.‏

إن أكثر ما يتناقض مع الحوار, الرغبة باستخدام صيغة الأوامر .. يعني نأمرك فنفذ?! يعني شروطاً للتنفيذ دون كلام!? من كولن باول إلى كونداليزا رايس, كشاهدين ناقلين للأوامر (غالباً) .. كانت التجربة كافية للاقتناع بأن فرصة الامتثال للأوامر معدومة .. في حين أن فرصة الحوار حول كل ما يطرح هي بلا حدود, وهم يعرفون ذلك.‏‏‏

مشكلة سياسة إصدار الأوامر, وانتظار تنفيذها, أنها تنتقل بالعدوى وتعمّم .. فإذا كانت الولايات المتحدة بشكل مباشر, أو عبر ما يسمّى بالمجتمع الدولي, تريد أن تحكم العالم بالأوامر الملزمة .. فإن علاقات الدول فيما بينها مهددة بالصياغة نفسها, ليس فقط بسبب التبعية, بل أيضاً بسبب تحول هذه الحالة إلى سياق معمول به كثيراً في العالم.‏‏‏

إن دولة كسورية رفضت تنفيذ الأوامر, ودعت كثيراً للحوار, من البديهي جداً أنها لاتصدر أوامر في علاقتها مع الآخرين, وتنتظر منهم تنفيذها!? لأن ذلمك يتناقض مع المنطق الذي تدعو إليه في التعامل السياسي.‏‏‏

طبعاً, ليست سورية الوحيدة التي تعمل وفق ذلك.. دول كثيرة في العالم.. لكن المشكلة الحالية في العلاقات الدولية هي غلبة المفهوم الأمريكي الذي تطرف كثيراً في مرحلة إدارة الرئيس بوش في السنوات السبع الماضية.. تطرف إلى درجة أنه يكاد لايترك فرصة لصوت آخر.. ولقد تراجع بالفعل صوت كثير من الدول المهمة الأخرى في العالم, الذي كان يعتبر مرجعية للديموقراطية الدولية (فرنسا مثلاً) .. في حين يرتفع الصوت الروسي رويداً, طارحاً, إن العالم أكبر من أمريكا.‏‏‏

لقد ظهر الرئيس بوش في خطاب حالة الاتحاد, وفيما يعني شرقنا, ك (منولوج) داخلي لايحاور أحداً.. فهو يرى (تحسناً) في فلسطين والعراق ولبنان وباكستان.. ياللهول..!!‏‏‏

وعلى سياق مشابه.. وإذ لبنان يكتوي بنار الانقسامات التي دعمها وقوّاها تدخل القوى الدولية الخارجية, لمصلحة طرف ضد طرف, وبشكل معلن, ومنع التوافق.. أطلّ صوت وزير الخارجية الفرنسي كوشنير.. بواحدة من تلك التعابير والكلمات, سهلة الاطلاق, صعبة التحديد.. قال:(سورية تعرقل).‏‏‏

كيف..?!‏‏‏

لقد كانت سورية في مشاركتها فرنسا بحثاً عن مساعدة اللبنانيين في حلّ لقضيتهم, هي الاوضح, والرافض لغطاء يسمح بإزدواج المواقف بين المعلن والمتبع..‏‏‏

الآن, وأمام (الدور المعرقل)وقبله سياسة الاليزيه, التي أدت الى وقف التعاون السوري الفرنسي.. يبدو أنهم فكروا بأوامر تنفذها سورية, وليس حواراً..بل أكثر من ذلك هم فكروا بأوامر تصدرها سورية, فينفذها اللبنانيون!! ومن المؤكد أنه لاهذا ممكن ولاذاك.. وكما أن سورية ترفض دائماً تنفيذ الأوامر.. هي وبمصداقية كاملة ترفض إصدار الأوامر.. لأن هذه هي العرقلة لأي حلول في أي موقع في العالم.. إن تجربة السنين والشهور والتي تمضي يجب أن تقنع الجميع أن المسألة بحاجة لحوار ومساعدة وتعاون وتفاهم ومشاركة وتوافق.. وليس لأوامر وتوصيف واتهامات.‏‏‏

‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية