تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عضو جديد في مجمع اللغة العربية...عيسى العاكوب: عمل دؤوب لتحقيق رسالة المجتمع

ثقافة
الثلاثاء 24-3-2009
مها يوسف

يحتل الأدب بأشكاله موقعاً محورياً ومتميزاً في حياة الأمم، ولما كان الفكر الإنساني نتيجة لتفاعل الأمم فيما بينها كان لا بد من التعرف على خصائص كل أدب لتفهم منطلقات مجتمعه، ومن ثم تحديد طرق التعامل معه، ذلك أن الشعوب تنظر إلى بعضها البعض من خلال مرآة آدابها،

ما يسمح لها بالتعمق في فهم ذاتها والتعرف إلى جزئيات الوعي القومي للآخر، هذا ما أشار إليه الدكتور مروان المحاسني رئيس مجمع اللغة العربية خلال حفل استقبال الدكتور عيسى العاكوب.‏

أضاف الدكتور المحاسني، تمتاز اللغة العربية بأدبها الممتد على خمسة عشر قرناً، حيث كان انطلاقه شعراً وخطابة قبل ظهور الإسلام، واكتمل بعدئذ بانفتاحه على آفاق جديدة جعلته يستوعب جملة ما وصلت إليه الحضارات السابقة، هذا بعد أن عمد المسلمون إلى التعمق في فهم لغة التنزيل، واهتموا بضبطها وتحليلها وتصنيف عناصرها، وبذلك أمكن للأدب العربي أن يكون مصدراً لدفق حضاري يحمل منطلقات إنسانية جديدة كما يحمل ارتقاءً إيمانياً تشرب به الأدب منذ بزوغ تباشيره الأولى.‏

وأكد الدكتور المحاسني أن اللغة في حقيقة الأمر هي الحامل للثقافة الذاتية القومية التي تجول معطياتها في أذهان من ينتمون إلى ذلك المجتمع، وهي ثقافة نابعة من التعامل بين الأفراد، وتتغذى من تراكم ما اختزنته الأجيال من خبرات وتصورات ومعتقدات وتبقى هذه الثقافة محصورة ضمن ثنايا اللغة المشتركة بين أفراد المجتمع، وعليه فإن اللغة هي الطابعة لكل نشاط ذهني والقادرة على إيجاد التواصل الذي هو قوام وجود المجتمع.‏

وبدوره أشار الدكتور مازن المبارك في كلمته إلى بداية ربيع جديد بانضمام هذه الكوكبة من علماء الأمة إلى مجتمعنا تمد الشجرة بالنسغ والروح بالشباب والمجتمع بالعطاء والمسيرة بالمضاء، ولعل ما يبشر بالخير أن هؤلاء العلماء من المجمعيين الجدد ذوي اختصاصات علمية مختلفة ما يشكل إضافة مثمرة تجعل نشاط المجمع متكاملاً في خدمة العربية والمضي في تحقيق الرسالة التي انشئ المجمع من أجل تحقيقها.‏

كما تحدث الدكتور مبارك عن مسيرة الدكتور عيسى العاكوب العلمية وكيف بدأ تعليمه متدرجاً خطوة بخطوة، حتى وصل إلى الجامعة التي بدأها 1972 حين التحق بقسم اللغة العربية وحمل الإجازة (الليسانس) في الآداب عام 1976 ثم حصل على درجة الماجستير عام 1980، وقد كان موضوع رسالته في الماجستير (تأثير الحكم الفارسي في الأدب العربي في العصر العباسي الأول) وهو موضوع فرض على صاحبه اتقان اللغة الفارسية، وكان بداية لصلته بالأدب الفارسي والفكر الفارسي وشعرائه ومتصوفيه، وزادت هذه الصلة عمقاً واستحكاماً حين ترك اللغة الإنكليزية وسيلة إلى الفارسية ودرس بالفارسية التي أتقنها أدب الخيام وقاده الخيام إلى جلال الدين الرومي، فحط د. عيسى رحاله عنده وراح يروي غليله من أدبه وفكره، إذ رأى فيه أدباً يخاطب العقل والوجدان، كما طوف د. عيسى في أفلاك الشاعر فريد الدين العطار، وشمس الدين التبريزي، كما ترجم كتباً ألفت عن جلال الدين الرومي بالألمانية وبالفرنسية نقلها إلى العربية عن ترجماتها الفارسية أو الإنكليزية.‏

وأضاف الدكتور مبارك أن د. عيسى تابع دراسته وحصل على درجة الدكتوراه في موضوع (العاطفة والإبداع الشعري) وهو دراسة في التراث النقدي عند العرب، وكان ذا نشاط متميز في الإشراف على عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه، كما شارك في عدد من اللجان الجامعية والندوات والمؤتمرات وألقى بحوثاً متميزة وساعد على ذلك اتساع ثقافته وتعدد لغاته وكثرة المقررات التي درسها في جامعات حلب والإمارات وقطر والتي شملت علوم اللغة العربية وعصورها الأدبية المختلفة، والتي دعته إلى التأليف في النقد الأدبي وفي علوم البلاغة وفي موسيقا الشعر، إضافة إلى ما ترجم عن الفارسية من أدب وتراجم، وعن الإنكليزية من كتب متنوعة كالخيال الرمزي والرومانسية ونظرية الأدب ولغة الشعراء واللغة والمسؤولية وقضايا النقد وغيرها.‏

وقد قدرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الجهود التي بذلها‏

د .عيسى في الكتب التي ألفها والبحوث التي قدمها فمنحته جائزتين عالميتين الأولى في 2003 والثانية عام 2006.‏

وإن الدكتور العاكوب يحب أدب النفس لأنه يضاعف إنس الإنسان بالحقيقة وينمي حياته الروحية، لذلك وقف عند أصحاب العبقريات الذين ضبطوا حواسهم أمثال محمد إقبال وجلال الدين الرومي، ولقد شدوه إليهم لأنه نزّاع مثلهم إلى النقاء النفسي والصفاء الروحي، لذلك رأى الشاعر فناناً يبدع بالكلمات ويصور عوالم خاصة هي مزيج من الحدس والتعقل والهيجان والتصور يشعر بها ويعبر بها، فإذا هو في كل وادٍ يهيم، ورأى الشاعر إنساناً خاضعاً لشعور يغلبه ويجيش به صدره، فيتحرك به لسانه وعندها نحظى نحن باللحظة التي تجتمع فيها العاطفة بالخلق أو الشعور بالصدق، فتتولد من ذلك لحظة الإبداع أو لحظة النشوة التي هي لحظة الخلق.‏

وبدوره تحدث الدكتور عيسى العاكوب عن سلفه العلامة الأستاذ عيسى اسكندر المعلوف، وتضمن الحديث أقساماً عدة وهي 1-نشأة المعلوف وتحصيله العلمي ومنجزه في التعليم والصحافة والتأليف والمحاضرة 2- المعلوف المجمعي 3- المعلوف وعلماء عصره 4- وفاته وشهادات أهل العلم فيه 5- ملحق في مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة.‏

ففي مجال التعليم ابتدأ حياته معلماً في بلدته في مدرسة الآباء اليسوعيين لبضع سنين ثم انتدب لتدريس العربية والإنكليزية والرياضيات في مدرسة كفتين الأرثوذكسية قريباً من طرابلس، إذ أمضى أربع سنوات، ثم عين مدة مديراً لمدرسة دوما البترون.‏

وبعدها أصبح مدرساً في الأسقفية الكاثولوكية في زحلة ثم انتدب بعد ذلك لإدارة مدارس الأرثوذكس وأسس في عام 1909 مجلة (النعمة) الشهرية وحررها مدة طويلة وأنشأ جريدة (المهذب) التي طبعت مدة على الهلام ثم صارت تطبع بالحروف، كما أنشأ مجلة (الآثار) التي كانت منبراً لأقلام كبار الأدباء والكتاب في سورية ولبنان والعراق، أما التأليف فقد كان شاغلاً أساسياً فقد تجاوزت مؤلفاته المخطوطة الستين كتاباً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية