تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أخلاقية السياسة وإيديولوجيا التضليل

دراسات
الخميس 23-10-2014
بقلم الدكتور فايز عز الدين

دار السجال العالمي في عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية حول وقف الحروب العالمية، وإنهاء بؤر التوتر الدولي لكي تدخل البشرية زمن الاستقرار والأمن الدوليين، الزمنَ الذي بدونه لا يمكن لآليات التنمية الاقتصادية، والبشرية أن تجد سبيلاً إلى تحقيق نسب معتبرة من التقدم الاجتماعي،

والنهوض بإنسانية الإنسان على كوكبنا الأرضي الذي شهد المزيد من الحروب بين الإمبراطوريات الكونية ما يعيق تطوّر الحياة على قواعد الأنسنة في معظم أمم الأرض، ولا سيما على أرض العرب في ظل طغيان إمبراطورية آل عثمان التي أوقفت التقدم العقلي العربي أكثر من أربعة قرون وما كانت لتتزحزح عن كاهل أجدادنا لولا أنهم قاوموها، وهزموها، وشرعوا يفكرون بدولتهم العربية الحرة، ذات السيادة. ومع أن نتائج الحروب الكونية التي حصلت في القرن العشرين ( الماضي ) كانت على حساب العرب في وجودهم على أرضهم، وحق تقرير مصيرهم عليها؛ حيث كانت سايكس بيكو بعد الحرب العالمية الأولى 1914-1918 ، ثم احتلال فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية 1939-1945، إلا أن آليات الحركة العربية كانت تشير إلى عدم استكانة الأمة العربية عبر قواها الوطنية، والقومية لهذا التآمر الإمبريالي الصهيوني على الحقوق التاريخية للعرب الذي كان يظهر دوماً من خلال ضبط سياسات العملاء الأعراب باتجاه عدم السماح بالنهج الوحدوي العربي في السياسة، وعدم تمكين مؤسسات العمل العربي المشترك من أن تُحقق أيَّ صورة من صور التكامل، أو التعاضد، أو مجرد التفكير بالأمن القومي العربي المعبّر عن أدنى تطلّع عند الشعب نحو ضمان وجوده المادي، و المعنوي على الأرض التي يحيا عليها.‏

ولقد تم اللعب على آلية الوقت ضد العرب منذ زمن سايكس بيكو 1916-1920 حين بدأ احتلال سورية، والعراق، وفلسطين، ولبنان لمنعِ العرب المشارقة من استعادة الدولة العربية، وفرض الانتداب الاستعماري عليهم حتى يتحقق المشروع الصهيوني على أرض فلسطين لاحقاً. ومنذ احتلال فلسطين عام 1948 وهذه الآلية الترويضية في اللعب على الوقت من منظور أن عنصر الوقت يرتبط حكماً بالأجيال وما يرفضه هذا الجيل العربي قد يقبله الجيل الآتي. هكذا كانت العملية التآمرية على حقوق العرب، وما زالت. واليوم حين يضع الرئيس الأميركي أوباما زمنا ً للقضاء على الإرهاب الداعشي في سوريا، والعراق قد يمتد إلى ثلاثين عاماً على حدّ قوله، فماذا ستكون الإجابة العربية عليه؟! فالنازية، والفاشية تمَّ القضاءُ عليهما بمثل الحرب الكونية التي يدّعي قيادتها اليوم أوباما بأقل من سنوات ست، وكانتا تمثلان دولتين من أهم دول العالم آنذاك... وعصابات إرهابية لا تماثل القوتين المذكورتين في أي شيء تحتاج إلى عقود ثلاثة من الزمان؟!.‏

هل يخاطب السيد أوباما اللاعقل الدولي، والإقليمي؟ أم هي آلية مكشوفة في استخدام عامل الزمن حتى يتم التدمير المطلوب للكيانية الدولتية، والمجتمعية في سورية والعراق وتتشرعنُ صيغةُ الوجود الأمروصهيوني الدائم على أرض بلادنا؟.‏

وعلى الجانب الآخر... هل التكتيل الدولي المزعوم هو ضد الإرهاب بالزعامة الأميركية؟ أم هو مسرحية لاختيار التوظيف الأمثل للإرهاب باسم محاربته. وما زالت حوادث الحادي عشر من أيلول 2001 في أميركا لم تقنع أحداً على أرض العالم بأن أقوى جهاز استخباري دولي لم يكتشف حقيقة ما جرى قبل حدوثه!.‏

وما نراه اليوم من أضاليل أميركية حول الحرب على الإرهاب لم يعد يسمح لنا كعرب أن نغمض العين لاعتبارات مهمة، أولها كيف تحارب أميركا داعش المتوحشة، وتصنّع داعش المعتدلة. وكيف تقود تحالفاً ضد الإرهاب وتُقصي ضحاياهُ من المعركةِ ضدَّه؟ وكيف ستُعيد أميركا الأمن والسلم الأهلي إلى بلادنا وهي تحضّر جيشاً للإرهاب في تركيا والسعودية؟!! ... لم يعد في الروح العربية أيُّ متّسع للصبر على السقوط الأميركي الأخلاقي والسياسي، ولننهضْ معاً في روحية الكل مع الكل ضد إيديولوجيا التضليل الأمروصهيونية، واللعب على الوقت المكشوف.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية