|
مجتمع اللباس المدرسي الموحد هو نتاج معرفي وثقافي واجتماعي وتربوي انتبهت إليه الشعوب والأنظمة منذ القرن الخامس عشر وربما تكون بريطانيا أول من طبقه في قطاعات التعليم الخاصة وكذلك في ألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأخرى . فاللباس الموحد لأي قطاع من القطاعات هو هوية عمل وثقافة ومهنة له مدلولاته المعنوية وأهدافه المادية من حيث الانضباط واحترام النظام وزيادة مردوديه الانتاج ... وما يهمنا من خلال هذه السطور هو التأكيد على أن اللباس المدرسي في بلدنا العزيز ورغم كل الصعوبات والضغوطات والمتاهات والويلات التي مرت على العائلة السورية الصغيرة والكبيرة بقي الالتزام باللباس المدرسي قائماً إلى حد ما بهيبته وكياسته ورمزيته . وهو مقبول إذا ما قورن بالظروف القاسية وما يحيط من إرهاب وتخريب للعقول وتدمير للبنى وتهجير وتشريد للبشر وحرق للمدارس والمستلزمات المدرسية من كتاب ولباس وكل ما يتعلق باستمرار العملية التربوية . المرونة بالتعامل ومنذ أربع سنوات ومع بداية كل عام دراسي ،كانت الحكومة ووزارة التربية على وجه التحديد تأخذ بعين الاعتبار كل هذه القضايا التي ترهق الطالب والتلميذ وأهله على السواء وهو تأمين اللباس المدرسي الكامل أي البنطال مع القميص والجاكيت والحذاء ذي الألوان والأنماط المطلوبة وقد كانت تعليمات الوزارة مرنة في هذا الشأن إلى أبعد حدود المرونة وهي للأمانة خففت الكثير من الأعباء الضاغطة على جيوب الشريحة العظمى من أبناء المجتمع ولاسيما ممن غادر منزله وبلدته ومدينته ومحافظته تاركاً وراءه كل حاجياته وضروراته ومنها ما يخص الشأن المدرسي.... ولكن لكن ومع كل هذه التسهيلات وبغض النظر عن العديد من التجاوزات فيما يخص اللباس الموحد بحده الأدنى في المدارس بمراحله المختلفة من ابتدائية وإعدادية وثانوية نجد أن بعض الطلبة لم يأبه لحدود الانضباط والواجب بضرورة تطبيق أهم معلم من معالم الطالب أو التلميذ وهيئته وهو ارتدائه الزي المدرسي الموحد . وهذا الخرق من قبل البعض الذي يتباهى بنوع بنطال الجينز الكحلي وبزخرفاته وموضته الحديثة وحذائه الرياضي الذي يدل على حالة الثراء والغنى والبحبوحة ، فيما البعض الآخر وبالعديد من المدارس لم يكترث حتى بارتداء اللباس القريب من اللون والشكل المطلوب ،فيما الغالبية نجدها تقترب من حدود الممكن في توافق الشكل الخارجي للباس المدرسي ... ما جعل المماحكات قائمة لغاية اليوم ما بين إدارة معظم المدارس والعديد من طلبتها الذين استغلوا «تعميم» عدم التشدد باللباس وهنانسأل وبكل صراحة ... هل من حالة تعجيز موجودة بخصوص اللباس الكحلي ... لاأعتقدأن أحداً من أبناء سورية صغيراً أو كبيراً إلا ولديه اللباس المطلوب للمدارس فالأخ يترك لأخيه والأخت تلبس من وراء أختها والبدلات تكفي لعامين وأكثر ... حتى البنطال الكحلي يكاد يكون اللباس الرسمي والشعبي عند الشريحة العظمى من الطلبة والموظفين والعاملين ناهيك عن الأحذية التي يكاد لايلتزم بلونها وشكلها أحد من الطلاب ، فكل ينتعل ما يريد من الديكورات الصغيرة والكبيرة ولاننسى الموضة المحكوم بها الشكل دائماً... عنوان الانضباط ما تقدم هو مجرد صورة بسيطة لصعوبات جمة تواجهها إدارات مدارسنا ومعلمينا ومعلماتنا إزاء توحيد اللباس المدرسي والذي هو بلا شك عنوان للانضباط والانتماء إلى المؤسسة التربوية حيث يساهم هذا اللباس بشكل عام في خلق مناخ ملائم للتعليم ، ويساعد إلى حد كبير في عملية التحصيل العلمي الجيد وهذه حقيقة وليس مجرد عبارات تقال هنا وهناك لأن اللباس الموحد يوحد الذهنية ويجمل المظهر العام ويميز المهن عن بعضها البعض ، ويلغي التفاوت الطبقي ،أو النظرة المتباينة للأحوال المعيشية في مقياس الفقر والغنى - من هنا كان التشديد والتأكيد قائماً منذ زمن بعيد في العديد من دول العالم على إلزامية اللباس وعلى سبيل المثال لا الحصر ... في جنوب افريقيا فإن ارتداء اللباس المدرسي هو الزامي في جميع المدارس العامة والخاصة لغاية اليوم مع وجود تعليمات صارمة فيما يخص حلاقة الشعر ... وقس على ذلك الكثير من الدول .... وبعيداً عن وجه المقارنة مع أي دولة أو نظام في هذا العالم ،فإن النظام التربوي في سورية كان مثالاً لا يحتذى به إلى وقت قريب ولأسباب معروفة غاية المعرفة (العدوان العالمي عليها) إذ قطعت سورية أشواطاً مهمة في تاريخها المعهود بابلائها ورعايتها واهتمامها بمجانية التعليم والالتزام بكل ضوابطه ومعالجة مآخذه وسلبياته وتعزيز ايجابياته في كل الزوايا المفيدة لبناء المجتمع وتعزيزه. إن الحديث عن اللباس المدرسي الموحد يبقى مهماً ومفيداً وإن مضى أكثر من شهر على بدء العام الدراسي ... لأن الاستمرار بخصوصية النظام العام بتوحيد هيئة الطلبة في ارتداء الملابس يعزز هيبة الطالب والمدرسة بإدارتها وكادرها التعليمي .. فهو مثال للقدوة والقدرة على تحقيق الأفضل وإن كنا نعيش ظروفاً أقسى من جلمود الصخر ... فهل يعيد طلبتنا النظر بوجوب الالتزام باللباس الموحد والذي يعتبر أجمل موضة وأبهى مظهر. |
|