تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ذكريات في الفن ...فنان زئبقي..

فنون
الثلاثاء 28/3/2006
عادل أبو شنب

جاءني المرحوم والده وخاله أمد الله في عمره وطلب إلي المساعدة في نشر كتاب لابنه عن السينما فوافقت على الفور.

لأنني لا أملك إلا أن أوافق, فالاثنان يقربانني وتربطني بهما صداقة وصحبة, أخذت الكتاب المخطوط فوجدته ذا عنوان غير رائج فاقترحت عنواناً آخر. ثم دفعته إلى المطبعة, وأنجز الكتاب في مدة قصيرة فسلمته النسخ التي طبعناها ودفع الشاب ابن صديقي تكاليف الكتاب غير أن إشكالاً قام بعد نشر الكتاب فقد جاءني المرحوم الناقد السينمائي سعيد مراد وقال لي: سامحك الله تأخذ مقالاً من مقالاتي السينمائية وتضعها مقدمة لكتاب فلان, رفعت حاجبي بدهشة فأنا لم أخط حرفاً في الكتاب ولم أتدخل في التأليف, وكل ما فعلته أنني أبدلت عنوانه بعنوان آخر رائج فقال:(المؤلف قال إنك أنت من كتب المقدمة, ومقدمتك من مقال سينمائي لي)!‏

قدرت أن المؤلف الشاب سطا على مقال المرحوم سعيد مراد ولما واجهه هذا ادعى أنني أنا من سطا على المقالة!!‏

لم أفاتح المؤلف بما جرى. أنا لم أفعل ما فعلت من أجله, بل من أجل والده المرحوم وخاله, لكنني وبيني وبين نفسي أسفت لسلوك الشاب وهو في بداية حياته الفنية وقدرت أنه سيسير على الشوك في مسيرته إن بدأ هكذا. ارتقى الشاب فيما بعد واحتل مكانه في ميدان‏

الفن وصار له مركز مرموق لكن المتعاونين معه قالوا إنه لم يتغير, وزئبقيته لا تزال كما كانت في بداياته والطبع غلب التطبع, وجميع من حوله يعرفون فيه هذه الزئبقية.‏

هذا مثال من الأمثلة الكثيرة عن أناس يتعاطون مهنة الفن سواء أكانوا ممثلين أو مخرجين أو فنيين هؤلاء يسيئون إلى كار الفن إساءتهم إلى أنفسهم, ويا حبذا لو راجعوا أمورهم ونظروا إلى الوراء قليلاً فقد يكتشفون الخلل الذي يتركونه في ميدان الفن لا فيما يخص أنفسهم فقط بل فيما يخص هذه المهنة التي صار لها تقاليد ولا ينجح فيها إلا الصادق المستقيم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية