تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أسئلة اللحظة الراهنة!

شؤون سياسية
الثلاثاء 28/3/2006
نعيم محمد قداح

إنه عنوان لافت لكتاب, يثير الانتباه لأنه بعيد عن الزعيق الإعلامي الذي ينعق به الراغبون في التغيير الديمقراطي بالوحي الأميركي,

هو أيضاً بعيد عن اللغة الخشبية والوسيلة التكفيرية المعتادة الموجهة للآخر. أدركت المؤلف حرفة الكتابة وأحاطت به الهموم الوطنية ,القومية واستولى على أسلوبه مزيج من الصحافة الملتزمة والأفكار المبتكرة بالتوجه المحترف الذي يحاول دائماً أن يصل إلى هدفه, كما قال المعري, بسجع الحمام وقوة نظر الصقر الثاقب. وهو بهذا يقف على خط القدرة على التغيير في إطار الثوابت وفق نهج الإصلاح في رؤية للمستقبل.‏

فالكلمة هي المسؤولية كما جاء في مقدمة كتابه. إنه الدكتور خلف محمد الجراد. نستشف دستوراً للعمل. يمكن القارىء في الحقلين الوطني والقومي, فهو يتألف من ثلاثة أبواب. الأول: ضرورة الاختلاف وأهمية التنوع, صورة المثقف بين الوعي والممارسة, الثاني: في حوار الحضارات وتصادمها, أطروحات وأطروحات مضادة, الثالث: تحت وطأة ثلاثة آلاف سنة من العنصرية- قراءات في المشروع الصهيوني. في هذه الأبواب اثنان وثلاثون موضوعاً حيوياً ومصيرياً لا تغني قراءة واحد منها عن الآخر,العناوين المطروحة توحي بدليل العمل الوطني في الشأن العام وتؤشر إلى علاقة صحيحة تمنح المثقف القدرة على التغيير وفق نهج الإصلاح ووفق رؤيته للمستقبل, فالمثقف من خلال هذه العناوين هو الفكر القادر على إثارة القضايا الملحة في الزمن الصعب, لبيان المسلمات والحقائق العلمية الساطعة والطريق الكفيلة بالقضاء على الفساد.‏

والكاتب هنا في ميدان الإعلام منحاز إلى نبض الشارع نازعاً صورة النمطية لتكون مادته إعلاماً مجتمعياً وطنياً يقوم على المعلومة الخاصة الدقيقة. في الباب الثاني, وعلى القراءة الفاحصة هنا أن تنتقي ولا تلخص, أن تشير إلى العنوان الهادىء والطريق المستقيم بلا عثرات تحدث الكاتب عن غياب آخر عمالقة الفكر القومي قسطنطين زريق الذي كان رئيساً لجامعة دمشق فيما بين عامي 1949- 1952‏

وبعد: فإننا كمثقفين مدعوون(كما يقول مفكرنا الكبير قسطنطين زريق) لفدائية لا تقل عن فدائية مقاومي الاحتلال قدراً وتضحية.. فهل يطمح مثقفونا إلى هذه المنزلة السامية العظيمة? هذا ما نرجوه حقاً.‏

إنها أوقات ممتعة في الفائدة, ينبغي أن نتمسك بها في وحشة القاع حيث تراجعت القوى القومية أمام زحف الاستعمار الأميركي المتوحش والمتغول للقضاء على الأمة العربية سعياً إلى المحافظة على اسرائيل ونهب ثروة النفط العربية ما يدعو إلى ضرورة التيقظ للدور الأميركي الذي يطبق اليوم معايير الديمقراطية بطريقة انتقائية في ما يوجه إلى (حماس), أصدق الفصائل الجهادية التي كلفها الشعب الفلسطيني بالرد على المطالب الأميركية الضاغطة للاعتراف باسرائىل. إن صورة الكاتب الإعلامي المثقف المتصدي تتجلى في الكتاب, وهي شاهد عيان على تقصي مستويات الحراك الوطني الاجتماعي ومجمل التغيرات التي تعصف بالأمة العربية, منذ أكثر من نصف قرن, فإما أن يكون الكاتب قابضاً على مبدئه القومي لإيضاح الشعلة في نهاية النفق, أو أن يتنازل عن دوره, وفي ذلك استسلام لما تريده أميركا والصهيونية. لقد امتلك الكتاب الذي نحن بصدده المعلومات الصحيحة وانطلق منها في التحليل الصائب. وفي هذا الصدد نجد أنفسنا أمام مدونة سلوك ينبغي التقيد بها.‏

* سفير سابق‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية