|
شؤون سياسية وكخطوة استباقية لما يمكن أن تفضي إليه التسوية وضعت الحقبة الشارونية رزمة من التعقيدات تحت مسمى ( يهودية الدولة) لا تجد طريقها إلى الحل إلا على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة وفق نظرية ( أرض أكثر.. فلسطينيون أقل) لذا كان الانفصال عن غزة الذي فجر المنظومة الحزبية التقليدية في إسرائيل واختفت ثنائية العمل والليكود واختفى معها التوجه التقليدي للناخب الإسرائيلي نحو حزبه المعتاد, فأصبح جمهور الناخبين بغالبيتهم العظمى متحركا وفي حالة تجاذب بين ثلاثة أحزاب رئيسية هي العمل والليكود وكديما التي تشكل الكتل الرئيسية الأكبر في الكنيست القادم بينما تدور باقي الأحزاب الإسرائيلية في فلكها, وحدها الأحزاب العربية والناخب العربي وضعت في حالة القلق إزاء الإجماع الصهيوني حول ( يهودية الدولة) بما يعنيه ذلك من وضع مصير الفلسطينيين فيها على المحك, لذا قد ترتقع نسبة المقاطعة بين العرب, فثمة قاسم مشترك يجمع بين برامج القوائم الثلاث الكبيرة ألا وهو شعار ( يهودية الدولة) وما ينطوي عليه من حسم لقضايا التسوية بما ينسجم مع هذا الشعار والخلاف بين تلك الكتل ينحصر حول السبل الموصلة إلى ذلك, وتلك الأجندات السياسية يتم إخراجها تحت مسمى ( الأمن القومي) وذلك الأمن القومي المزعوم يغلف النّيات التوسعية لأنه من وجهة نظرهم يستند إلى ركيزتين أساسيتين, الأولى ضمان التوسع على حساب أراضي الدولة الفلسطينية المفترضة من خلال ضم الكتل الاستيطانية الكبرى والقدس (لأسباب ديمغرافية) وضم الغور ( لأسباب أمنية) فلا دولة فلسطينية بحدود حزيران ,1967 أما الركيزة الثانية والمدعومة بالأولى فهي حسم هوية الدولة بوصفها ( دولة اليهود) وهذا أىضا على حساب الفلسطينيين ليس فقط في الضفة وغزة ,وإنما في أراضي 1948 وتجليات ذلك تهويد النقب والجليل, ومن الجدير بالذكر أن شمعون بيرس الذي يدعي الوسطية هو المسؤول عن ذلك الملف, إلى جانب التهويد استمرار سياسة التمييز العنصري لإجبار الفلسطينيين على ثنائية القومية. وفي ظل الحملة الانتخابية أعادت الأحزاب الرئيسية الثلاثة التأكيد على قضايا (الأمن القومي) فحتى حزب العمل بزعامة بيرس الذي رفع شعارات اجتماعية انتهى في ظل التنافس على الكنيست إلى شعارات الأمن, فحزب كديما ومن خلال تصريحات زعمائه المتكررة والمخططات التي يعدها بحكم وجوده على رأس الحكومة يرى أن المهمة المركزية هي رسم الحدود وفق ما يسميه حدودا ( أمنية ودفاعية) حيث تشمل الكتل الاستيطانية وغور الأردن والاحتفاظ بالقدس عاصمة موحدة ( لدولة اليهود) وضمان أغلبية يهودية فيما يسميه كديما (دولة اليهود) لذا وعلى أبواب الانتخابات تبنى كديما مؤخرا الاقتراحات التي قدمتها الأجهزة الأمنية للقيام بسلسلة من الخطوات أحادية الجانب في الضفة تفرض الفصل التام بين الضفة وغزة وإعادة الانتشار على خط دفاعي جديد في أعماق الضفة يضم غور الأردن ونقاطا رئيسية على المنحدرات الجبلية هذا بالنسبة لكديما, أما حزب العمل فهو لا يعارض خطوات الانفصال من جانب واحد من حيث المبدأ بقدر ما يفضل أن يكون ذلك في إطار خطة شاملة للانفصال السياسي عن الفلسطينيين يؤدي إلى قيام دولتين توجد بينهما خطوط حمراء حددها حزب العمل بعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل في إطار تسوية وضم الكتل الاستيطانية الكبرى وعليه يرى العمل ضرورة التسريع في بناء جدران الضم والفصل العنصري. أما حزب الليكود الذي يعارض أي انفصال أحادي الجانب ويرهن ذلك بتوفر ( شريك فلسطيني في الأمن والسلام) بينما يؤيد إخلاء مستوطنات نائية وصغيرة لأسباب أمنية وديمغرافية تخدم عملية تكتيل الاستيطان وتحقيق التواصل الاستيطاني, ويستمر الليكود في الرهان على الحرب الأهلية الفلسطينية تحت دعوات ( مكافحة الإرهاب وبناه التحتية) وغير ذلك, استمرار العمليات العسكرية واقتحام المدن وهدم المنازل ومواصلة عمليات الاغتيال. باختصار الناخب الإسرائيلي أمام أجندات سياسية متقاربة من حيث الأهداف ويكاد يكون الفارق بينها إن لم نقل وهميا يكاد يتضاءل إلى الحد الذي يصعب على الناخب حسم خياراته, لذا قد لا تتوافق النتائج مع استطلاعات الرأي وقد تفضي إلى نتائج غير متوقعة هذا بالنسبة للناخب الإسرائيلي, أما بالنسبة للفلسطينيين ومهما كانت النتائج فإن الكنيست القادمة هي أكثر عنصرية, وهي كنيست إعلان الحرب على الحقوق الفلسطينية المشروعة واستعجال ( الحل النهائي) بما يخدم مصالح إسرائيل التوسعية. |
|