تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شقاق بين بوش ووسائل الإعلام

لوموند
شؤون سياسية
الثلاثاء 28/3/2006
ترجمة: دلال إبراهيم

تطارد وسائل الاعلام والجهات الحكومية, كل من موقعه, مصادر المعلومات المجهولة الهوية ولكن لكل له اسبابه الخاصة وأساليبه,

فالصحافة من جهتها تحاول صياغة قواعد خاصة لاستخدام تلك المصادر بعدما جرى اساءة استخدامها منذ أعوام السبعينات وقد فتح وزير العدل الأميركي شخصيا تحقيقا من أجل تحديد هوية ذلك الشخص الذي سرب إلى الصحفيين من داخل الحكومة فضيحتين أبرزتهما الصحف الأميركية منذ فترة قصيرة.‏

الفضيحة الأولى كانت في الكشف عن وجود سجون سرية لجهاز الاستخبارات الأميركية السي. أي.إيه وقد كشفته صحيفة الواشنطن بوست أما صحيفة نيويورك تايمز فقد كشفت عن قضية التنصت على المكالمات الهاتفية دون إذن قضائي لوكالة الأمن القومي والفضيحتان معا ما كانت رائحتهما لتفوح لو لم يقرر مخبران غير معروفين ومغتاظين من ممارسات الحكومة والأسرار المحيطة بتلك الممارسات, التوجه إلى الصحفيين والبوح بتلك الأسرار.‏

ووصف الرئيس جورج بوش عملية أولئك الذين كشفوا قضية التنصت على المكالمات بغير وجه شرعي ( بالعمل الخسيس) وكلف الحكومة بالبحث جديا عن مصدر تلك التسريبات.‏

ومنذ فضيحة ووترغيت عام 1972 شكلت المصادر المجهولة الهوية للمعلومات جزءا من ميتولوجيا الصحافة الأميركية ويعلق بهذا الصدد توم روسانسييل مدير اللجنة من أجل المثالية في الصحافة قائلا:( لم تعد المصادر مجهولة الهوية عقب فضيحة ووترغيت مجرد مصادر ضعيفة وإنما مصادر بليغة وأكثر فعالية من المصادر الرسمية) ولكن بلغ السيل الزبى في استخدام هذه المصادر وفاق حدوده بكثير لأنه وحسبما يرى روسانسييل ( أدرك اعضاء الحكومة الرسميون أن المصادر المجهولة الهوية هي أكثر صدقا وصاروا يعرفون كيف يكسبون المزيد من المزايا) وصارت ما تقدمه مصادر المعلومات المجهولة الهوية جزءا من ترسانة اتصال الحكومات أو المؤسسات إلى جانب انزلاقات مروعة.‏

وإن كانت حكومة الرئيس بوش هي إحدى أكثر الحكومات عدائية لوسائل الاعلام منذ عهد ريتشارد نيكسون لم يتوان البعض من مستشاريه في لعب دور مسرب المعلومات المجهول من أجل الكشف عن اسم أحد العملاء السريين للسي.أي.إيه وهي فاليري بليم زوجة السفير جوزيف ويلسون والتي كانت من أوائل الذين شككوا بوجود أسلحة دمار شامل في العراق. شكليا يحظر القانون الأميركي تسريب المعلومات وهذا القانون هو الذي قاد إلى توجيه الاتهام واستقالة لويس ليبي مدير مكتب نائب الرئيس ديك تشيني وقاد الصحفية السابقة في صحيفة نيويورك تايمز جوديث ميللر إلى السجن لأنها اختارت عدم الكشف عن هوية مصدر معلوماتها وقد دافعت صحيفتها عنها من خلال افتتاحياتها في العديد من الأعداد كما وطالبت بسن قانون فيدرالي ينص على حماية مصادر المعلومات ولكن مع خروجها من السجن تبدل الكفاح من أجل حرية وسائل الاعلام بالنسبة لميللر والتي تحولت إلى رمز لقرابة الصحفيين مع مصادر معلوماتهم السرية.‏

ولم ينج بوب وودوارد الأسطورة الصحفية الذي كشف أسرار فضيحة ووترغيت إلى جانب كارل بيرتشتاين من تراشقات هذا السجال ومنذ أعوام السبعينات كانت تتردد كثيرا المحاكم في اتخاذ اجراءاتها المباشرة تجاه صحفيين قرروا عدم البوح بحقيقة مصدر معلوماتهم إلا أن الزمن قد تغير فقد جرى إخطار العديد من الصحفيين من قبل المحكمة بغية الافصاح عن مصادرهم ضمن إطار قضية مدنية.‏

وكتب جيفري توبين في صحيفة النيويوركر في عددها تاريخ 16 كانون الثاني يقول (وصلت الأعذار في فترة حيث بات الوضع الشرعي للمخبرين الصحفيين غير موثوق والتقييم العام بالنسبة لوسائل الاعلام ضعيف ولا ينوي سواء أكان الكونغرس أم المحاكم منح الحماية الخاصة إلى الصحفيين) وثمة مواقع الكترونية ممن يلاحقون اجراءات وسائل الاعلام الكبرى تستهدف تلك المصادر المجهولة بغية تقويض مصداقيتها وضمن هذه الأجواء التي تخيم عليها العداوات حددت الصحف قواعد وأصول استخدام المصادر المجهولة الهوية ( والتي يمكن أن تكون في آن معا لعنة ونعمة على القراء) كما كتب بيرون كالامي - الوسيط في صحيفة نيويورك تايمز- وتعلل العديد من الصحف لقرائها أسباب محافظتها على سرية مصادر معلوماتها وقد اعتادت صحيفة نيويورك تايمز استخدام تعبير ( السيد...) الذي نمنحه السرية بدلا من التعبير التقليدي ( السيد...) الذي يفضل عدم ذكر اسمه والفكرة هي الدلالة على أن الصحفي هو من اتخذ القرار بعدم ذكر الاسم بدواعي قيمة المعلومات المستقاة من المصدر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية