تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أنا أنتمي لهذا الوطن

ثمَّ إنَّ
الثلاثاء 28/3/2006
أسعد عبود

عفوا للذاتية والطبيعة الشخصية لهذا المقال.. وبحكم طبيعة وضعي الراهن لا يمكن إلا أن أمر بشأني الشخصي وإلا افتقد المقال مصداقيته, فإن كان أحدكم لا يهمه شأني الشخصي فلا بد أن يهمه شيء من الذي سأتطرق له.

أنا الآن متسطح على فراشي ممنوع علي الحركة إلا ضمن شكل مؤطر لهذه الحركة.. والحكاية حادث سيارة.. تعرضت له .. مثل كل الذين يبتلون بحادث فينتقلون برمشة عين من صف الذين يمرون من الحادث بعبارة (الله يكون بعونهم) إلى صف الذين يتلقون العبارة.. هكذا بلمح البصر تموج بك الدنيا وتحاصرك في زلزال خاص بعربتك , ولحظة وقع الحادث وأول ما نطقت به وقد تحول الرعب إلى حقيقة مجسدة , أن حمدت الله أنني كنت لوحدي في العربة.. لكن وحدتي لم تطل, فأنا ابن الشعب السوري والذين يمرون بي من جانبي الطريق هم أبناء هذا الشعب وبالتالي لن تكون لوحدك..‏

ها هم من حولي.. رجال وشباب أجهل أسماء أي منهم.. الذي أسرع فضب لي أغراضي المتناثرة داخل السيارة في حقيبتي.. والذي يسألني عن وضعي.. والذي يعرض علي أن يوصلني إلى حمص , والذي يعرض علي أن يوصلني إلى دمشق, والذي يقول شو بتأمر.. وقلوب محبة للحب والخير أحاطت بي وبادر أحدهم واتصل بشرطة الطرق العامة بحسياء.‏

ووسط هذه الحالة من التيه الداخلي الحقيقي والعجز عن شكر من حولي وصلت سيارة شرطة حسياء وفيها ضابط وعنصران وترافقها سيارة إسعاف فيها مسعفان.. وبسرعة استلمت الشرطة السيارة واستلمني المسعفان واتجهت مسطوحا إلى مشفى حمص الوطني وما زلت بين الرض لأنني كنت وحدي والرعب من الحادث وبين الشكر للناس الذين ساعدوني لا سيما الشرطة والمسعفان الذين أجهل أسماءهم ثم بدأت رحلة مشفى حمص والذي أستهدف طرحه لقول أشياء محدودة.‏

مشفى حمص الوطني, واحد من المشافي العامة التي تروي الحكاية العامة.. عمل كبير.. كبير.. تؤديه.. ولا تلاقي إلا النقد والانتقاد.. ولو كان للإنصاف دور لوجهت الكثير من المديح..‏

كثيرة الملاحظات التي تأخذها عن هذه المشفى أو غيره بعضها سلبي بعضها إيجابي.. ولكن.. لا بد من الإقرار أنها موقع للأداء اليومي المجاني يقدم خدمات جلى بلا مقابل.. وعندما تكون الخدمات بلا مقابل يأتيها أبناء هذا الشعب الطيب من فقراء ومحتاجين فيكثرون على أبوابها وفي ممراتها وشعبها المختلفة والكادر يعمل.. يعمل ولا يلحق.. وجهود جبارة تبذل ليجد الإنسان مكانا له يقيه من صروف الدهر وتقادير الحياة..‏

أنا لست أبدا ضد الخدمات الطبية المجانية .. وأنا مع دعم مشافي الدولة.. والإكثار منها.. وهي مرافق لا يمكن أبدا ولا في يوم من الأيام أن نستغني عنها.. ولا أن نتنكر لأهمية ما تقدم لهذا الشعب ولهذا الوطن..‏

في مشفى حمص وقبل أن يعرف /أي كان/: من أنا بدأ الإسعاف الشعاعي والسريري ثم اطلع على وضعي رئيس شعبة الجراحة, فقرروا قبولي من أجل استكمال التصوير الطبقي المحوري.. وتصوير الإيكو .. والتحليل.. وبعد أن أجروا كل شيء عرفوا من أنا..‏

طبعا لا أنكر أن اهتماما آخر شخصيا ظهر وأنا مدين بالشكر الجزيل له.. سواء اهتمام الدكتور محمد أبو الخيرمدير صحة حمص .. واهتمام الدكتور كمال جركس مدير مشفى حمص الذي حضر خصيصا لزيارتي.. أم اهتمام الزملاء في حمص.. وبعد ذلك تقرر بناء على طلبي نقلي إلى دمشق بسيارة إسعاف وبرفقة مسعفين أيضا.. والزميل المهندس منذر الياس الذي أصر على مرافقتي داخل سيارة الإسعاف.. ويتكرر المشهد ذاته قلوب المحبين الأقرباء والأصدقاء ينتظرونني في دمشق ويتبعونني إلى مشفى الدكتور هشام سنان الذي أكملت فيه ليلتي الليلاء تلك.‏

وإذا كنت أستطيع أن أقول لكل من يسأل أنني والحمد لله نجوت من الحادث بأقل الخسائر (تسطيحة لأسبوعين أو ثلاثة).. فإنني مؤمن أن القلوب المحبة والأيدي الماهرة التي أحاطت بي, قد عوضت لي كل ما خسرته.. شكري لهم جميعا ولن أذكر الأسماء كي لا أتعثر.. وأختم قائلا:‏

إن في شعبنا قوة إن فعّلناها.. فعلنا الكثير .‏

هي قوة مرصودة للخير.. والمساعدة والتعاون..‏

ليس ذلك وحسب..‏

بل أقول إن في وطننا الكثير مما يقدم ومجانا.‏

وبشيء من التطوير قد نستثمره بصور أجدى ومظاهر لا تخفي روعة الانتماء لهذا الوطن.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية