|
فضاءات ثقافية في كتابها (قصة حياتي) تفلش سرّها.. وبوضوح تخبر قرّاءها عن بحثها عن ذاك الحب المنشود المأمول قائلةً: ( كنت أبحث عن حبيب مثالي ... كنت أبحث عن الوحشية القابعة في أعماق قلب رجل. وإلا لماذا لم أجد الطمأنينة بين ذراعي زوجي؟ لكن بكل صدق تمنيت أن تموت نفسي. كل الأشخاص الذين أحبوني لم يفهموا لهذه اللحظة لماذا أنا جامحة!). ولهذا كان الإلحاح على الحب.. الإلحاح في طلب الحب.. هي تحتاج وتشتاق الحب الذي لا يعرقل سيرها نحو الحرية. مشكلتها لم تكن أبداً في إيجاد رجل تعشقه، إنما في العيش من دونه فيما بعد.. أمر لم ترغب بمواجهته. في إحدى قصائدها، عبّرت عن فهمها للحب المثالي بقولها: (الحب هو نرسيس ينظر نحو حافة بئر الماء، يطارد وجهه الجميل، وحتى هذه اللحظة هو في بحث). ولدت كمالا داس في 31 آذار عام 1934 في كيرالا الغربية لعائلة نالاباتو، تُعتبر غنية أدبياً. تنحدر من أصل أميري. منذ صغرها أتقنت الانكليزية، و تكلّمت لغتها القومية (المالايم ).. فكتبت شعرها بهاتين اللغتين. كان والدها محرراً في جريدة حكومية معروفة، و شيخاً ذا رأي متعنّت فلم يُحسن إظهار الحب والعطف تجاه أبنائه.. ووالدتها كانت شاعرة مشغولة دائماً بنظم شعر المالايم. قام الوالد بإرسال الأولاد إلى إحدى المدارس الحكومية ليعانوا هناك من قسوة المعلمين. في هذه الظروف نشأت كمالا محرومة من الحب.. ولتزداد الأمور سوءاً, قام والدها بدعوة أحد أقاربه السيد ماداوا داس، وطلب منه الزواج بابنته فكان ذلك وهي في الخامسة عشرة من العمر.. وكان بينهما فارق كبير في السن. كان زوجها كثير الانشغال بوظيفته في مؤسسة النقد الدولي، وأيّد فيما بعد إبداعها. ظهرت الموهبة الإبداعية لدى كمالا في وقت مبكر. في عمر الثامنة قرأت بؤساء فيكتور هوغو.. وكان المؤثر الأول فيها عمها نالابات الذي كان كاتباً بارزاً وهو الذي نقل إلى لغتهم كتاب هوغو.. كما تأثرت بشاعرية والدتها. كان بيتهم أقرب إلى ملتقى للأدباء الذين يأتون للقاء عمها ووالدتها.. ضمن هذا المناخ الأدبي تفتحت مواهب كمالا. أول دواوينها حمل عنوان (السيرانات ) وكان عام 1964، نالت عنه جائزة الشعر الآسيوي. بعد أن عُرفت كشاعرة تنقلت وتنوّعت كتاباتها ما بين القصة القصيرة والرواية والمسرح.. فكان كتابها (قصة حياتي ) وتروي فيه قصة حياة فتاة شجاعة خدعها المجتمع وخانتها قوانينه. إحدى قصصها (دمية صغيرة للمومس الصغيرة ) تتحدث عن استغلال الطفولة وكيفية توظيفها في المواخير من خلال قصة طفلتين لم تتجاوزا الثانية عشرة من العمر تستخدمهما صاحبة ماخور. بعد بلوغها الخامسة والستين أعلنت كمالا إسلامها، وغيّرت اسمها إلى كمالا ثريا.. وكان ديوانها الأخير بعنوان (إلى الله). في خيارها الديني هذا توافق مع قناعاتها في محاربة كل أشكال العنصرية والطائفية وإهانة الإنسان.. ومع ذلك عند موتها في 31 أيار عام 2009 أثناء تلقيها العلاج من مرض الالتهاب الرئوي.. ودعها الآلاف من المسلمين والهندوس والنصارى الهنديين.. حيث دُفنت في ساحة مسجد في مسقط رأسها في كيرالا. تنقلت الشاعرة بين كثير من المدن.. وبعد وفاة زوجها عادت إلى كيرالا في سبعينيات القرن الماضي.. استغرقت في التأليف وساهمت في كثير من النشاطات الاجتماعية والسياسية. أنشأت مركزاً لخدمة النساء المهجّرات, وأرسلت كثيراً من الفقراء إلى الجامعة. ساعدت الأطفال اليتامى. حاربت لتشريع قانون رسمي يحرّم الزنا بالبنات الصغيرات. أنشأت حزباً سياسياً (حزب لخدمة الشعب ) عام 2000 لتحقيق التغيير الاجتماعي للطبقات الضعيفة اجتماعياً لاسيما النساء لقناعتها أن التغيير لن يتم في الهند إلا من خلال السلطة السياسية. يذكر أنها نافست في إحدى المرات في انتخابات المجلس التشريعي لولاية كيرالا في سبعينيات القرن العشرين.. ومرة أخرى على مجلس البرلمان الهندي عام 1984. في كل ما كتبت, اعتمدت لغةً صادقة صريحة وحرة.. وهو ما جعل كثيرين يتلقون أدبها تلقياً مغلوطاً.. لاسيما لدى إصدارها كتاب (قصة حياتي) الذي ارتفع بسببه مستوى الجدل حول أدبها. قول الحقيقة والوقوف إلى جانب الحق كان منهجاً اعتادت السير وفق أصوله, وهو الأساس الذي قام عليه حزبها السياسي الذي أنشأته. إلى جانب الكتابة مارست كمالا الإبداع رسماً.. فرسمت جسد المرأة وجعلت موجة من النقد والاستنكار تعلو ضدها.. بقيت على موقفها ودافعت عن أعمالها قائلةً: (أنا أرى جسد المرأة أجمل شيء في العالم). |
|