تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فلنستبق خمساً قبل خمس

الأحد 7-10-2012
شهناز صبحي فاكوش

يوم أعلنت سورية أنها دولة القرار العربي المستقل من خلال قبولها لذات الشعار عنواناً لمؤتمر الأحزاب العربية المنعقد على أرضها كانت تأمل أن تحذو الدول العربية حذوها في ذلك وقد استمدت قوتها وشموخها من جيشها وشعبها الذي انتصر في تشرين قبل تسعة وثلاثين عاماً

في نصر سجل للعرب في تاريخهم الحديث ممهوراً بوحدتهم في الموقف والقرار والمشاركة على أرض المعركة ما جعل النصر الذي نحيا رحابه اليوم نقطة انعطاف في تحرير الإرادة العربية واستعادة الأرض وشموخ المواطن العربي بعد انكسار. وكان نصرنا ذاك نقطة انعطاف في الحياة السياسية والعسكرية لأعداء العرب وحلفائهم ضدنا وأصدقائنا حيث بدأ التخطيط للحرب الباردة التي فككت الكتلة الاشتراكية فاحتلت الساحة العالمية من الأميركي بغطرسته والغربي بعنجهيته والصهيوني بعنصريته. وبدأت النار تشتعل في كل العالم حتى طالت أرضنا العربية وبدأت بشكل سافر باحتلال العراق ثم توالت النار لتطول كل الأرض العربية ولكن مع اختلاف الأدوات والتسميات فتصبح الفوضى ثورة والخريف ربيعاً .‏

وظلت سورية تسعى للم الشمل العربي من خلال العلاقات الطيبة التي تربطها ببعضهم على أمل رتق ما انفتق مع البعض الآخر لأنها تدرك كما يدركون أنها محقة في مواقفها الوطنية والقومية بما يحقق مصلحة الأمة العربية بجمعها الشعبي وهي التي فتحت قلبها وكانت رافعة للجميع في مجالات عدة.‏

وما دققت يوماً بصحائف أحد لتعرف مدى عروبته أو عدمها فالشك ليس من طباعها.‏

فلم تخوّن أحداً ولم تدقق في ملف أحد لتعرف مدى ارتباطه بإدارات استخباراتية تتبع جهات بعينها وإن كانت بعض الملامح تنم عن ذاك لأنها كانت تأمل دائماً أن يبقى الطير ضمن سربه ثقة منها أن هذه الجهات تلقي في غيابات الجب من ينتهي دوره لديها وهي لا تعدم الوسيلة في إنهاء حياته حتى يصبح خارج التاريخ والأمثلة قريبة وبعيدة حاضرة لمن يقرأ.‏

ولكن فيما يقارع سورية اليوم من أحداث يجعلها في قلب النار فترى قلوبهم قد أصبحت غلفاً فهي كالحجارة أو أقسى حتى انطبق عليهم قوله تعالى:‏

(ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء).‏

حتى الحجارة يمكنها أن تتشقق ليتدفق منها الماء فيطفئ نار القلوب والعقول والأوصال وتجري سيولاً تطفئ ما يشتعل على الأرض من نار تحرق الأخضر واليابس.‏

أما قلوبهم فما زالت صماء صلدة من شدة الحقد الذي غلفهم وملأ بطونهم فوق العروش حتى بدأت أنفاسهم تلهث بسبب التخمة من الغل الذي يحملون.‏

كما أولئك الذين مازالت أضغاث أحلامهم تعدهم بمقاعد يرفعونها على جثامين الشهداء مصبوغة بدم الشباب السوري من أي طرف كان أو كراسيّ تأتي منقوشة بوشم الغرب الذي يستقوون به وتراهم‏

يتذرعون بالتشكي بحال الشعب السوري حتى لو كان الثمن إشعال النار مع دول الجوار وبالاتفاق معها ذريعة لتحقيق مناطق العزل أو الحظر الجوي.‏

والتسميات لاتزال تتنطح ضد الوطن على ألسنتهم الآثمة بحجة انتصار (الثورة).‏

إنها فورة حارقة كما الحمم التي تلقي بها فوهات البراكين.‏

أي انتصار على شتات الوطن والشعب مخضب بدم الشهداء في طهر النيات حتى لو كانت مضللة يبصم عليها زارعو الفتنة المتخفون تحت أغطية رؤوسهم باختلافها.‏

ليصطف كل حر خير ما في نفسه من عشق للوطن فيظهره للناس أجمعين قاطعاً دابر الفتنة وليرفع كل آبق يده في أيام تقبل فيها التوبة عل الله الغفور الرحيم يقبلها.‏

وليملأ كل منا قلبه بالحب والإيمان في مخافة الله ولنتق رب العزة رأفة بهذا الوطن الغالي الذي طفح علينا بخير ما بخل به يوماً فهو المسامح أبداً..‏

أتراه يستحق التشويه الذي طال وجهه الرائع في جماله..‏

أتراه يستحق الدم الذي ينزف من أجساد أبنائه..‏

أتراه يستحق التخريب الذي طال نفوس وذواكر أطفاله..‏

أتراه يستحق كل هذا الرصاص الذي خدش سيادته وكرامته..‏

والأسئلة تطول إلى ما لا نهاية في ازدياد طرحها..‏

فلنستبق خمساً قبل خمس تحاشياً لفوات الأوان.‏

حريتنا قبل مصادرتها وإغراقنا في بحر العبودية بلبوس جديد.‏

سيادتنا قبل تدنيس أرضنا كما حدث عند الغير... والأمثلة قريبة... هي العراق... هي ليبيا.‏

كرامتنا قبل أن تهدر ونصبح تبعاً أذلة في هوان بعد عز وشموخ.‏

شبعنا قبل جوعنا، فاليوم نأكل من خير أرضنا وزرع أيدينا قبل أن نصبح في حسرة حفنة القمح كحسرة غيرنا(بقوة كامب ديفيد) ومثيلاتها.‏

وحدة شعبنا قبل اشتعالنا بنار الفتنة وشقاق ذات البين.‏

والمستفيد من كل ذلك عدونا السافر المتخفي اليوم خلف براثن عباءات وظهور الآخرين.... والنداء للأهل جميعاً خارج الحدود وداخلها.‏

هلموا بنا فالكريم لو شذّ في زمن ما، يعيده أصله إلى جادة الصواب ولنفتح أذرعنا كعهدنا أبداً.‏

ولنرتم في حضن أمنا العظيمة سورية.‏

ولنلق في قلوبنا وعقولنا ونفوسنا على طاولة الحوار فتجمعنا نقاط التلاقي ونؤخر بإرادتنا نقاط الخلاف وندفن بأيدينا معاً نقاط الاختلاف المرضية إلى حيث اللاعودة لأنها كالطاعون إن استأثرت بجسد قضت عليه، هلموا بنا نتحمل الزمن كما تحملنا طويلاً بخيرنا وشرنا، بجودنا وبخلنا، بجمعنا وشقاقنا فنجاوز مقولة الشافعي:‏

نعيب زماننا والعيب فينا‏

وما لزماننا عيب سوانا‏

ولنحقن عيوبنا في بئر عميقة(مالها من قرار) ونبعد عنا شماتة الأعداء...‏

ولنترك الزمن يبلسم الجراح فهو كفيل بتطييب الخواطر وتهدئة النفوس.‏

ومن نعم الله على الإنسان في تسميته إنساناً حالة النسيان.‏

والحلول جميعاً متاحة وقابلة للنضج والتطبيق.‏

لحظتها فقط سيقف كل أمام مرآته ليرى خسته وضآلته عندما أراد لهذا الوطن انهياراً وبذلك يكتبون نهايتهم وأمثالهم في التاريخ كثر فينطبق عليهم قوله تعالى (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).‏

إن الله مع سورية الغالية لأنها سهم في كنانته ويده فوقها وشارات دلالته حاضرة في كل يوم... فهو إلى جانب الجيش العربي السوري الذي يصطف شعبه إلى جانبه أحدهما في حمى الآخر والجميع في حمى الرحمن دفاعاً عن سورية العروبة وسيادتها وأرضها الحرة أبداً التي لا تقبل الضيم أو التدنيس وشعبها وجيشها رسموا ويرسمون دائماً النصر لها.‏

سورية الغالية تستحق التضحيات وتستحق حب العذارى.‏

هي التي تستحق زنود الأوفياء وفتوة وصبا شبابها.‏

وتستحق إبداع مبدعيها لتزهر أكثر وتتجدد دائماً وتتألق ببنائها من جديد.‏

ومادامت يد الله فوقها تباركها وتحميها هي في العلياء أبداً.‏

وكل ما تحتاجه من أبنائها لحظة هداية تدحض كل ضلالة.‏

هي بين أيدينا وما أزف الأوان بعد، فلنطبق بقوة عليها حتى لو كانت جمراً مشتعلاً.‏

بل هي ربيع قلوبنا الدائم.‏

إنها الكلمة المباركة بين الله والناس.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية