تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عقوبة المجد

معاً على الطريق
الأحد 7-10-2012
مصطفى المقداد

مرت ذكرى حرب تشرين التحريرية في وقت ترتفع الدعوات المعادية لسورية وتزداد الحملة شراسة في عملية استعجال لتدمير وتخريب ما عجزت أيادي التخريب عنه خلال فترة الأزمة.

مرت ذكرى حرب تشرين التحريرية وسورية تعيش أزمة مثلت تلك الحرب فيها أحد أهم وأبرز الأهداف التي سعى المتآمرون لطي وهجها ووضعها في أدراج الماضي والنسيان.‏

لقد استهدف أصحاب المخطط التآمري سورية بكل مكوناتها التاريخية والجغرافية والسياسية والاجتماعية والثقافية والحضارية، وعملوا على تخريب أسسها ومقوماتها وحوادثها ووقائعها ومنها حرب تشرين باعتبارها كانت المحطة والمعركة التي استعادت إحياء مجد العروبة والعرب، وأنهت حقبة النكسة وما تلاها من خيبات وانقلابات وتبدلات واتفاقات، فكانت حرب تشرين جبهة الرد والمواجهة التي قضت على الأسطورة التلمودية والأكاذيب الإعلامية التي سعت حكومة العدوان لتكريسها، وعملت القوى الصهيونية في العالم وقتئذ على ترويجها «وهي أن كيان العدوان له جيش لا يقهر».‏

ببساطة، كانت حرب تشرين أول انتصار حقيقي للعرب قادته سورية بالتنسيق مع مصر العربية وجيشها على الكيان الإسرائيلي الذي طالما فاخر بقوة جيشه الذي انتصر على ثلاثة جيوش عربية في ستة أيام واحتل أقساماً واسعة من أراضيها في كل من الجولان والضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء، فضلاً عن الانتصارات التي كان حققها جيش العدوان والتي عكست وحشية المجازر التي ارتكبتها عصابات الهاغاناه وشتيرن وغيرها، تلك العصابات التي كانت العماد الأساسي لتشكيل جيش العدوان.‏

لقد بقيت حرب تشرين التحريرية شوكة في أعين إسرائيل وداعميها كونها كانت الفتح الأول في استعادة جزء أساسي من الأراضي المحتلة وبناء القاعدة الرئيسية لانطلاق المقاومة داخل الأراضي المحتلة وفي لبنان، فدخلت عملية الصراع مرحلة جديدة استمرت فيها انتصارات المقاومة يوماً تلو الآخر، وتراجعت قوة كيان العدوان وغدا خائفاً في أي مواجهة محتملة مع المقاومة في لبنان وغيرها.‏

وأمام واحدة بمثل هذه الحال لم يكن بيد إسرائيل والولايات المتحدة إلا أن تسعى لمعاقبة سورية وشعبها وجيشها وهو ما بدأ العمل عليه بدقة متناهية منذ أربعة عقود، وتم تصعيد الاستهدافات في مرحلة ما بعد احتلال العراق والنتائج المترتبة عليه وما ظهر من امتلاك سورية لعوامل قوة مؤثرة وفاعلة في الساحة الاقليمية والدولية.‏

والأزمة في جوهرها عقاب لسورية الوطن والمجتمع والكيان الحضاري والانساني، لكن الحقيقة المؤكدة أن الحضارة تأخذ أشكالاً مختلفة صعوداً أو هبوطاً ، لكنها لا تموت أبداً.‏

وكذلك نحن في سورية مهد الحضارات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية