تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مع المتنبي والشعر والشهباء

ملحق ثقافي
21/3/2006م
الأخطل الصغير - بشارة الخوري

المتنبي والشهباء

نَفَيْتَ عَنْكَ العُلى وَالظَّرْفَ وَ الأَدَبا‏‏‏

وَإِنْ خُلِقْتَ لَها- إِنْ لَمْ تَزُرْ حَلبَا‏‏‏

‏‏‏‏

شَهْباءُ، لَوْ كانَتِ الأَحْلامُ كَأْسَ طِلا‏‏‏

في راحَةِ الفَجْرِ كُنْتِ الزَّهْرَ والحبَبَا‏‏‏

أَوْ كانَ لِلَّيْلِ أَنْ يَخْتَارَ حِلْيَتَهُ‏‏‏

وَقَدْ طَلَعْتِ عَلَيْهِ، لازْدَرى الشُّهُبَا‏‏‏

لَوْ أَنْصَفَ العَرَبُ الأَحْرارُ نَهْضَتَهُمْ‏‏‏

لَشَيَّدوا لَكَ في ساحاتِها النُّصُبا‏‏‏

مَلاعِبَ الصِّيْدِ مِنْ حَمْدانَ، ما نَسَلوا‏‏‏

إِلَّا الأَهِلَّةَ وَالأَشْبالَ وَالقُضُبا‏‏‏

أَلخالِعينَ عَلى الأَوْطانِ بَهْجَتَها‏‏‏

وَالرَّافِعينَ عَلى أَرْماحِها القَصبَا‏‏‏

حُسامُهُمْ مانَبا في وَجْهِ مَنْ ضَرَبوا‏‏‏

وَمُهْرُهُمْ ما كَبا في إِثْرِ مَنْ هَرَبا‏‏‏

ما جَرَّدَ الدَّهْرُ سَيْفاً مِثْلَ«سَيْفِهِمِ»‏‏‏

يُجْري بِهِ الدَّمَ أَوْ يُجْري بِهِ الذَّهَبا‏‏‏

رَبُّ القَوافي عَلى الإِطلاقِ شاعِرُهُمْ‏‏‏

أَلخُلْدُ والمَجْدُ في آفاقِهِ اصْطَحَبا‏‏‏

‏‏‏‏

سَيْفانِ في قَبْضَةِ الشَّهْباءِ لا ثُلِما‏‏‏

قَدْ شَرَّفا العُرْبَ بَلْ قَدْ شَرَّفا الأَدَبا..‏‏‏

حكمة الشعر وفيض الفلسفة‏‏‏

عُرْسٌ مِنَ الجِنِّ في الصَّحْراءِ قَدْ نَصبَوا‏‏‏

لَهُ السُّرادِقَ تَحْتَ الَّليْلِ وَالقُبَبا‏‏‏

كَأَنَّهُ تَدْمُرُ الزَّهْراءُ مارِجَةً‏‏‏

بِمِثْلِ لُسْنِ الأَفاعي تَقْذِفُ اللَّهَبا‏‏‏

يا مُلْبِسَ الحِكْمَةِ الغَرَّاءِ رَوْعَتَها‏‏‏

حَتَّى هَتَفْنَا: أَوَحْيًا قُلْتَ أَمْ أَدَبا‏‏‏

كأَنَّما هِيَ أَصْداءٌ يُرَدِّدُها‏‏‏

هذا إِذا بَثَّ، أَوْ هذا إِذا عَتَبا‏‏‏

قالوا اسْتَباحَ أَرسْطو، حينَ أَعْجَزَهُمْ،‏‏‏

وَإنَّهُ اسْتَلَّ مِنْ آياتِهِ النُّخَبا‏‏‏

مهْلاً، فَما الدَّهْرُ إِلَّا فَيْضُ فَلْسَفَةٍ‏‏‏

يَعودُ بِالدُّرِّ مِنْهُ كُلُّ مَنْ دَأَبا‏‏‏

مَنْ عَلَّمَ ابْنَ أَبي سُلْمَى« حَكيمَتَهُ»‏‏‏

وَقُسَّ ساعِدَةَ الأَمْثالَ وَالخُطَبا؟‏‏‏

قالوا: الجدَيدُ، فَقُلْنا: أَنْتَ حُجَّتُهُ‏‏‏

يا واهِباً كُلَّ عَصْرِ كُلَّ ما خلَبَا‏‏‏

نبوءة القوافي‏‏‏

عَفْواً نَبيَّ القَوافي، أَيُّ نابِغَةٍ‏‏‏

لَمْ يَزْرَعوا حَوْلَهُ البُهتْانَ وَالكَذِبَا‏‏‏

مَنَعْتَ عَنْهُمْ ضياءَ الشَّمْسِ فَانْحَجَبوا‏‏‏

فَهَلْ تَلومُهُمُ إِنْ مَزَّقوا الحُجُبا‏‏‏

أَضْرَمْتَ ثَوْرَتَكَ الهَوْجاءَ فَالتَهَمتْ‏‏‏

مِنَ القَريضِ الهَشيمَ الغَثَّ وَالخَشَبا‏‏‏

حَتَّى رَجَعْتَ وَلِلأَقْلامِ هَلْهَلَةٌ‏‏‏

في كَفِّ أَبْلَغِ مَنْ غَنَّى وَمَنْ طَرِبا.‏‏‏

غضبة العقل والموهبة‏‏‏

غَضِبْتَ لِلْعَقْلِ أَنْ يَشْقى فَثُرْتَ لَهُ‏‏‏

بِمِثْلِ ما انْدفَعَ البُرْكانُ وَاصْطَخَبا‏‏‏

هَلِ النُّبوَّةُ إِلَّا ثَوْرَةٌ عَصَفَتْ‏‏‏

عَلى التَّقاليدِ حَتَّى تَسْتَحيلَ هَبا‏‏‏

ما ضَرَّ مُوقِدَهَا، وَالخُلْدُ مَنْزِلُهُ‏‏‏

إِذا رَمى نَفْسَهُ في نارِها حَطَبا..‏‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية