تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النهضة الأدبية في حلب

ملحق ثقافي
21/3/2006م
محمد خالد الخضر

حلب الشهباء تلك المدينة الأزلية التي ارتكزت أطنابها في عمق التاريخ برغم ما مرّ عليها من نوائب الدهر، وطغيان الغاصبين، عبر قرون ودهور،

‏‏

فما كان لها إلا أن تزداد بهاءً، وأن تتألق جمالاً مخلدة صامدة بما يرويه الزمان على ألسنة مبدعيها وكتابها، حلب الشهباء التي درج في حناياها أبو الطيب المتنبي ليخلد سيف الدولة الحمداني.. وليملأ الدهر كبرياء،ويشغل الناس بعبقريته، وأبو فراس الحمداني ذلك الشاعر المليء بالعاطفة والشجن، وحب الأقارب، والبحتري.. هؤلاء العظماء لتبقى حلب مستمرة في رسالتها.. فأنجبت عمر أبو ريشة الذي يُعدُّ واحدا من أعلام النهضة وأسسها، وقبله فرنسيس مراش الذي ولد في حلب عام 5381، وهو مؤرخ عربي ينشد الحق وعدالة المجتمع ويعرف الدارسون أن أول رواية نشرت في حلب هي لفرنسيس مراش وهي« غابة الحق»‏‏

‏‏

محملة بالأفكار والرؤى الحرة والتقدمية مما جعل حلب تتميز بهذه السمة.. ولعل من أهم ما أنجبت حلب الناقد قسطاكي الحمصي الذي توفي عام 1491م، لقد شغف بتاريخ الأدب وأهتم بالقيم والخصائل الحميدة، وتركز اهتمامه على عدم فصل حلب عن دمشق، مادته كانت رصينه اللغة متينة الديباجة، ولم يكن بعيداً عنه سامي الكيالي، وخليل هنداوي، ومظفر سلطان وآخرون. أما الشاعر عبد الله يوركي حلاق لقد أسس مجلة تعنى بشؤون الثقافة العربية الاصيلة، بيد أنه اختلف عن كثير من الأدباء والمفكرين على مستوى حلب وغيرها على امتداد الوطن العربي إذ تشدد للغة العربية وللشعر الأصيل،أذكر أنني زرته برفقة بعض زملائي وأهديته مجموعتي ذكريات في الوادي الشرقي قبل أن يموت بفترة ليست طويلة. فتصفح الديوان وقال لي: أنا سأكتب عن هذا الديوان لأنه لايحتوي إلا على الشعر العامودي، وهو ديواني الوحيد الذي اتسم بهذه الصفة مختلفاً عن بقية دواوييني التي تحتوي النوعين. أمتاز شعره بالرصانة وقوة العاطفة وصدق الموضوع وتميزت حلب بكتاب السيناريو والمسلسلات الإذاعية والتلفزيونية ومنهم الدكتور زهير أمير براق الذي كتب حصاد السنين- الجذور- قلوب دافئة..وغيرها الكثير..في حبكة قوية.. وحوار تميز بالألق الاجتماعي المثقف، والدراما التي ميزت وأضافت للدراما العربية رصيداً هاماً وإرثا لن يزول. وفي الشهباء سطع نجم وليد إخلاصي في عالم الرواية متميزاً بخبرة روائية عالية كانت موضوعاتها أوجاع الإنسان وهمومه.. رواياته جديدة الاسلوب، عالية المستوى.. -أما عالم المسرح تألق فيه الأديب والناقد المسرحي عبد الفتاح قلعجي حيث كتب مسرحيات للكبار وللصغار منها - الشاطر حسن- وباب الفرج، أثرت بيئة حلب على إبداعاته وتعززت بثقافته وتقنية . -وفي مجال الأطفال أيضاً أثبت حضوره عبدومحمد، ومن مؤلفاته- الوشاح الأزرق وفارس عين جالوت..أهتم بالقص التربوي وبالأسلوب الأخلاقي الرصين يمتاز عبدو محمد بالثبات وصعوبة المراس في سلوكه وفيما يكتب مما جعل له حضوراً محترماً في عالم الأدب. -ويتميز في شعر التفعيلة جلال قضيماني ومن دوااوينه-بيادر الريح وسنابل الحرمان ودواوين أخرى. غلبت عليها الثقافة الواسعة والرؤية الوطنية، كما هو الشاعر حسن عاصي الشيخ الذي صدرت له مجموعة من الدواوين ، ومصطفى النجار،وزكريا مصاص. -وفي عالم الدراسات والعمل الإداري محمد كامل قطان الذي اهتم بالفكر السياسي والتاريخي. -وهناك محمد ملا غزبل فهو يمتلك موهبة عريضة غلبها التشتت فضاعت في ميادين مختلفة، لم تكسبه إلا القليل تضاف إلى ثقافته الدينية واللغوية. -أما الشاعر والقاص الدكتور جمال طحان ظهرت في قصائده الفلسفة الإنسانية والنفسية في إطار من التهكم على زمن ناسه صغار بتجربة عميقة ورؤية مرمزّة. -أما الأدب النسائي امتاز بالبساطة والميل إلى الخاطرة الشعرية مثل ليلى مقدسي. والكابتة ضياء قصبجي وتميزت ليلى أورفة ليلى، وفي عالم البحث إيمان كيالي وإلهام اسكاف،وإنني حاولت أن أتحدث عن شيء مما تكرمت به حلب إلى تاريخنا العريق معتقداً أنني، قد نسيت أو ربما لم يسعفني الزمن أن أقدم كل شيء من أدباء حلب.. إلا أنه ما يجدد ذكره أن ما تعطيه حلب وأعطته سيبقى خالداً كما هي.. حلب قلعتها الباقية.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية