تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الانكسار الثقافي..

حبر على ورق
الثلاثاء 3-2-2015
أســعد عبــود

في ظل الحالة المأساوية التي نعيشها نحن منكسرون في كل شيء، آثار الانكسار تبدو واضحة في مختلف جوانب حياتنا، في الاقتصاد وتفرعاته.. في الادارة وشؤونها.. في التعليم.. في الصحة.. في المأكل.. في المشرب..

وفي الثقافة أيضاً !!؟ بل خصوصاً في الثقافة.. حتى أكثر من الاقتصاد، على مايشي به هذا الاقتصاد من متاهات كذب فيها المنجمون ولو صدقوا ؟! وآخر ماسمعنا عن دعواهم أنهم يتجهون لبيع العملة الاجنبية في بيروت لإنقاذ العملة الوطنية ؟؟!!! إلى أين يمضون.. ألن يوجد في هذا البلد من يقول: توقف..‏

أعود إلى الثقافة وسأبقى فيه لانطلق بداية من معيارين اساسيين:‏

أولاً: أنا لا أؤمن أبداً، أن الحالة التي نعيشها، وقد وصفتها بداية بالمأساوية، تبرر كل هذه الانكسارات في كل المجالات وفي مقدمتها الثقافة.‏

ثانياً: لعل الانكسار الثقافي قد سبق في بدايته الحالة التي نعيشها اليوم ؟! وهو دون أي شك متأثر بمجموعة من العوامل التي تتجاوز شأننا الوطني إلى الشأن العالمي والبشري واتجاهات النمو والتطور في العالم.‏

لقد شكل سقوط الاشتراكية «الشيوعية» صدمة مدوية في العالم مازالت موجاتها تتابع على مختلف الشعوب والمجتمعات. وحطم اجتياح عولمة السوق للعالم عصراً من البناء الثقافي الانساني، لطالما تطلب كبير الجهد البشري وعاش معه الناس عصراً للرومانسية الثقافية - إن صح التعبير – لارجعة ترتجى له.. ولا البحث عنه من محاسن الاختيار، لقد وجدت الرأسمالية في هذا البناء كل ما تحتاجه لمساعدتها في تهديم كل شيء.. لتحول كل تلك الانجازات الكبيرة بجد إلى مجال للسخرية، ومادة للتقييم الرخيص ونشر فكر الابادة للآخر لنتحول جميعاً إلى دمى على المسرح الرأسمالي العالمي الذي تتسيده الولايات المتحدة الأميركية دون منازع، فإن كان ثمة من يتحدث عن قطبية جديدة تتشكل، فالأمر لايتعدى صرخة سياسية في وجه الاستبداد العالمي !! وإذا كان ثمة مايجيز الحلم بانتصار ماعلى هذا الاستبداد العالم، فقد روعته وقضت عليه ثورة الارهاب الاسلامي.‏

والحالة كذلك.. جاءتنا انذارات الشؤم التي ما لبست أن تحولت من دعوات للحرية إلى سكاكين للذبح وتقطيع الاوصال، فماذا تفعل الثقافة المعلولة بأدائها من الاصل ؟! كان البناء هشاً بالتأكيد فتحول إلى ركام، مازال ينذر بإعادة انتاج الأزمة بأسوأ مما هي عليه اليوم، وعلى جبال الركام ينشرون غطاء يعلنون منه أن فعلهم كان ليكون أعظم لولا الحاصل.. لم لا طالما لم يسألهم أحد كيف وصلنا إلى هنا؟‏

في السينما.. في المسرح.. في جمعيات العاديات.. في نشاطات المراكز الثقافية.. في الكتاب وشؤون النشر.. إلخ.. هل تتحمل الحالة التي نعيشها مسؤولية كل هذا التردي ؟!.. أم أن ثمة تردياً كان بدأ وجاءت الحالة لتساعده على الانتشار ؟!‏

بالتأكيد ثمة الكثير.. الكثير مما هدمته الازمة ومزقته وفتكت به، لتصبح حالتنا لاتقارن بما سبقها على ماعرف السابق من كوارث إدارية.. لكن..‏

أنا أقول: الأزمة تستنفر الجهد والعقل لمنع الهلاك.. ولا يجوز أن تشكل غطاء للتراخي وانعدام الفعل..‏

as. abboud@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية