تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قدم أربع حفلات متميزة.. معهد شبيبة الأسد للموسيقا طموحات كبيرة.. وإمكانيات متواضعة

فنون
الأربعاء 30/4/2008
فادية مصارع

حين تجد الروح مثقلة , والقلب تعب دع أوراقك وكتبك جانباً وارم تعبك وهمومك وأثقالك واذهب لحضور حفلة موسيقية ,وهناك ستدرك كم أنت ظالم لنفسك , وكم تحتاج أرواحنا المتعبة إلى غذاءٍ يحييها ,

ليس ضرورياً أن تأخذ خمس وجبات في اليوم , يكفيك أن تسمع لحناً موسيقاً راقياً في الشهر مرة, أو في السنة مرة لتدرك كم كان ( بولين ) على حق حين قال: (كيف يجرؤ الذي لايتذوق الموسيقا أن يسمي نفسه إنساناً).‏

فهي كما وصفها الموسيقي الأول بيتهوفن: (الجمال المسموع والحلقة التي تربط الروح بالحس ). وخاصة إذا كان من يداعب أوتارها شباب بعمر الورد , أو شتلات لما تنتش بعد , هؤلاء الشباب قدموا على مسرح مكتبة الأسد مؤخراً حفلات موسيقية متميزة ومن حضرها سيجزم أن جيلنا لايزال بخير , ومعاهدنا لاتزال تخرج طلاباً نفخر بأن لهم شرف الريادة في مجال العزف والغناء وإن كنا نتمنى أ لايكون المعهد الذي رعاهم وخرجهم المركزي الوحيد في سورية .‏

مواهب متعددة والمعهد واحد‏

ولكي نتعرف أكثر على المعهد وطلابه, الثورة زارتهم أثناء التدريب على البروفات التحضيرية للحفلات والتقت مديره المسؤول الاستاذ محمد هيثم أمين , الذي عرفنا بهذا الصرح الحضاري قائلاً: تأسس المعهد عام1988 وهو يهدف إلى استقطاب الشباب وملء أوقاتهم بما هو ممتع ومفيد, ورفع سوية التذوق الموسيقي ,لديهم إضافة إلى إذكاء شعورهم الوطني والقومي وتطوير المعرفة والثقافة الموسيقية لديهم , وتعويدهم على العمل الجماعي وإحياء التراث الموسيقي القديم من خلال إعداد كوادر شابة مؤهلة لتكون قاعدة مستقبلية متميزة, فالمعهد يدرس الآلات الموسيقية جميعها.‏

أربع‏

أربع فرق فنية تقدم عدداً من المواهب من الذين تابعوا دراستهم في المعهد وهي : فرقة رودريغو للغيتار , ونهوند الموسيقا العربية , ثم نشاز وجنى لمجموعة من طلاب المعهد الذين شاركوا في العديد من المسابقات ونالوا الريادة في مجال الغناء فأصبحوا من كوادر المعهد المتميز .‏

ورغم تفاوتهم في الأعمار , إلا أن الجميع ينصهرون في بوتقة واحدة و مدرسة واحدة, هي مدرسة المعهد , وتقدم كل فرقة لوناً معيناً .‏

150 طالباًيقبلون في المعهد, ثم ينتقى عشرة موهوبين منهم , هذا ما أوضحه مدير المعهد وأضاف نحن نعمل على تنمية مواهب هؤلاء الطلاب , وجلهم يمتلكون الجلد والاستمرارية إضافة إلى الموهبة , وبعد دراسة ست سنوات يحصلون على شهادات تؤهلهم الدخول في المعهد العالي للموسيقا , ونحرص على أن يقدموا حفلة في ختام كل سنة دراسية , ليطلع الناس على مواهبهم في محاولة منا للنهوض بالموسيقا الراقية لتقف سداً منيعاً في وجه موجة الغناء الهابط.‏

وما ينقص مثل هذه الفرق- والقول للسيد أمين- هو الدعم المادي والمعنوي فالجهة الوحيدة الراعية للمعهد وهي الشبيبة برأيي لا تكفي , وكل ما نقوم به هو جهود فردية تحتاج لدعم جميع الوزارات , فما يتقاضاه المدربون هو عبارة عن مكافآت خجولة لاتعدو كونها رد جميل واحتراماً للمكان الذي تخرج منه هؤلاء الطلاب ووجدوا أن من واجبهم أن يعودوا للتدريس فيه.‏

وضرب مثلاً فرقة إنانا التي ارتفعت وذاع صيتها وأصبحت تشارك بأكبر المهرجانات العربية بسبب الدعم الذي يقدم إليها.‏

سحر الشرق وموسيقا الغرب‏

رودريغو: أحد أعلام الموسيقا في القرن العشرين , وهو الذي استطاع بأعماله أن ينقل آلة الغيتار من آلة شعبية إلى عالمية, من خلال عمل هام جداً كتبه لهذه الآلة, وهو كونشيرتو دي آراخويوس .. هكذا عرف الاستاذ مازن الصالح بفرقته التي اتخذت اسم أشهر عازف للغيتار أصيب بالعمى وهو في عمر الثلاث سنوات, وأصبح بسرعة من ألمع المؤلفين الموسيقيين باعتماده على الموسيقا الشعبية الإسبانية, إذ قام بإعادة صياغتها بقوالب الموسيقا الكلاسيكية , وأشار الصالح إلى أنه يمكن بسهولة أن يضيف إليها موسيقا شرقية لأن منطلقها شعبي وهو الطموح الذي يسعى إليه من خلال ربط آلات الشرق مع الغربب , المشروع كما يرى الدكتور مازن أكبر بكثير من الإمكانيات , لكن الظروف اليوم أصبحت أفضل بسبب وجود عدد كبير من الخريجين الأكاديميين الذي يتابعون دراستهم في هذا المجال.‏

وأضاف: سنحاول أن نجمع الشرق مع الغرب من خلال عمل مكتوب بآلة العود, بوجود آلة الغيتار, والآلات الشرقية كالقانون والناي , لأن إمكانياتها هائلة وتسمح بهذا التنوع ويمكننا أن نستعير من الشرق لحنيته الصوتية, ومشروعنا القادم أن نصنع مقطوعات شرقية ومجموعة أغانٍ خفيفة لجمع بين التراث السوري والإسباني نظراً للتاريخ العريق الذي يربط البلدين معاً.‏

عمر الفرقة كما ذكر الصالح خمس سنوات فقط ولها نشاط سنوي متميز , فهي تقدم مختلف الأعمال الكلاسكية والألحان المكتوبة تتجلى فيها الروح الشرقية , فهي ليست غربية بحتة , كما أن للفرقة حضوراً جماهيرياً كبيراً .‏

جهد ضائع والدعم والحماية غائبان‏

عدم وجود مكتبة موسيقية عربية ولا حتى نوطات موسيقية يجعل الإهمال يطال هذه الثقافة المهمة , ناهيك عن أنه لايوجد أي حقوق أو حماية للملكية الفكرية, الأمر الذي يجعل أي مهتم في مجال التأليف الموسيقي , يحجم عن الخوض فيه .‏

فأنا شخصياً أعيد الآن صياغة جميع الألحان الشرقية لتعزف على آلة الغيتار , ومن الممكن أن أصدر أربعة أو خمسة كتب, هي جهد وثمرة عمل خمس سنوات ,لكن ,وبلحظة يمكن أن يضيع هذا الجهد ويصبح ملكاً للجميع, وذلك بسبب عدم وجود حماية للملكية الفردية فضلاً عن أن الحفلات التي نقيمها لم يتطوع أحد حتى الآن لرعايتها, أو حتى بأضعف الإيمان أن يوزع(السيديات ) ويبيعها بسعر رمزي يعود ريعه للمعهد نفسه والذي هدفه الأول والأساسي كما أشرنا سابقاً محاربة الموسيقا الهابطة فيما الكثير من حفلات الغناء الهابط تتعهدها جهات خاصة بالرعاية.‏

وهذا نداء لكل أصحاب أصحاب النفوذ والأموال فالمعروف أن الموسيقا لم تنهض في عصر من العصور إلا في عهد الخلفاء والسلاطين والملوك ,وهذه برأيي مسؤولية الجميع في ظل الشح الواضح للمصادر الموسيقية, والإهمال لكل ما يتعلق بها .‏

نهوند وتحصين التراث‏

تشكلت الفرقة كما بين أستاذها المشرف (المايسترو) نزيه الأسعد عام ,2002 وتتألف حالياً من عشرين عازفاً وعازفة وأربعين مغنياً ومغنية, وهي تؤدي الموشحات والقدود والوصلات الشعبية والعربية أي تحرص على تناول الموسيقا العربية وبشكل خاص الأعمال التراثية بهدف تحصين التراث وإعادة صياغته دون المساس بلحنه الأساسي أو هويته مع ترميم بعض الثغرات من خلال صياغة الأغاني بطرق أكاديمية ومسرحية كما هو الحال في البانوراما السورية إذ لاتوجد فيها أغنية تشبه الأخرى.‏

وبجهود فردية أيضاً ومن خلال جولاته على المحافظات, استطاع الأسعد أن يطلع على الفنون الشعبية والأغاني التراثية , ليجد أن المخزون الشعبي في بلادنا غني جداً ويجب أن نتابعه, أو بالأحرى ننبشه حتى لايصبح في غياهب النسيان , لافتاً إلى أننا نهتم دائماً بدمشق كونها العاصمة والمركز على الرغم من أن المحافظات تحتوي تراثاً كبيراً وتنويعات تختلف من واحدة إلى أخرى ولو كنا نمتلك الإمكانيات لرافقنا الطلاب خلال جولاتنا ليطلعوا بأنفسهم على الأهازيج التي تخص كل محافظة ويسمعوها بلهجتها الحية ومن ثم يحفظوها كما هي وبنطق صحيح لمخارج الحروف ولحن شرقي صرف.‏

وأكد مشرف نهوند, أن الفرقة لاتهتم بالتراث السوري فقط وإنما العربي بشكل عام, وهي تحاول أن تأخذ ألحاناً شرقية من خارج الوطن العربي لتطور موسيقاها.‏

نشاز‏

مضمونها يختلف تماماً عن اسمها فهي تقدم أجمل الأغاني الوطنية والمقاومة, فنشاز فرقة آلية غنائية ناقدة, أنشئت حديثاً عام,2008 وتتألف من خمسة وسبعين مغنياً ومغنية يدربها ويقودها الأستاذ باسل صالح, أما الأطفال المنتسبون إليها فتتراوح أعمارهم من 3-15 سنة وعازفوها هم من طلاب المعهد الذين أكملوا دراستهم الموسيقية فيه, التلحين والكلمات لرياض مرعشلي .‏

من الأعمال التي قدمتها مؤخراً على مسرح مكتبة الأسد رسالة من أطفال غزة- منحبك - رسالة للمقاومة - حاجتنا حكي- وأخيراً رسالة لمجلس الأمن .‏

فهل ستصل رسائلهم إلى الجهات المعنية ?!‏

سؤال برسم مجلس الأمن والأمم المتحدة وجمعية حقوق الطفل .‏

فرقة جنى‏

شعارها كما أوضح أحد أعضائها, مزكين محمد :الموسيقا أسمى من أي شيء في الوجود وهي لاتعرف طائفة ولادين وتوجه ألحانها إلى العالم كله . أنشئت عام,2008 وأعضاؤها أيضاً ممن دراستهم بمعهد الشبيبة الأسد للموسيقا, وتابعوا دراستهم في المعهد العالي للموسيقا ,وحفلها الذي قدم على مسرح مكتبة الأسد الأسبوع الماضي, يعتبر المشاركة الأولى للفرقة وجميع الأعمال التي قدمت هي من تأليف أعضائها أيضاً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية