تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نيشان: تكتيك المحاور الضعيف

فضائيات
الأربعاء 30/4/2008
لينا هويان الحسن

(نحن هنا حيال التهذيب الحق, البعيد كل البعد عن التملق والوضاعة والقائم على ألا نقول إلا ما نقول, وألا نعبر إلا عما نريد, وإظهار الدهشة, رغماً عنا, والشفقة رغماً عنا,

والمرح رغماً عنا, هي دوماً أمور منافية للتهذيب. لكن التعبير دون شعور أو ما يطلق عليه فجاجة, أو سوء تصرف, أو ما شئت من المسميات, هو أيضاً من أبواب الخروج عن التهذب. والتهذيب في جميع حالاته ضبط للنفس بما لا يستبعد القوة, ولا الوقاحة, ولا حتى الإهانة).‏

كان لابد من هذه المقدمة حول التهذيب كبداية معقولة نتحدث فيها عن أسلوب كسر فن التهذيب الذي يتبعه معظم مقدمي البرامج في فضائياتنا العربية ولعل (نيشان) مثال يكاد يكون أنموذجاً على افتعال التميز من خلال كسر القواعد التهذيبية الافتراضية والتعامل مع ضيوفه وفق تكتيك (الأكشن).‏

(نيشان) ألا تذكركم حركاته باضطراب طفل سمته افتعال المشاكسة على أمل لفت انتباه أمه?!‏

ثمة ثغرات واضحة في شخصيته كمقدم برامج وكمحاور يفترض أنه يساعد المشاهد على استشفاف (زبدة) تجربة الضيف الفنية أو الحياتية.‏

رغم أن نيشان حاول خلال الاسم الذي اختاره لبرنامجه (العراب) أن يضفي شيئاً من الأبهة القائمة على الالتباس المحير والجميل الذي جذب يوماً المشاهدين لشخصية زعيم المافيا في فيلم فرانسيس كوبولا الشهير (العراب) إضافة إلى ذلك ارتداؤه الدائم للباس الأسود متبعاً قاعدة نفسية شبه معروفة تنصح بارتداء الأسود في المقابلات التي تخص العمل لكونه لوناً يفرض سيادة خفية على الآخر لكن نيشان يتشح بالسواد كالأرملة بمناسبة وغير مناسبة?!‏

وفي الحلقة التي استضاف فيها كلاً من اليسا وتيم حسن كانت نموذجاً مثالياً لهفواته الكثيرة من حيث الإصرار على جولات الاستفزاز القائمة على أسئلة سطحية وعقد مقارنات ساذجة بين الضيفين, حتى روح الدعابة لديه بدت بوضوح أنها ملغومة مسبقاً.‏

الفنان تيم حسن فضل اتباع طريق الحكمة - السلبية - ولاذ وراء ستار الدبلوماسية واقتصرت أجوبته على كلمات منمقة, مهذبة, توفيقية أي بالنتيجة لا تقول شيئاً ولا تؤدي إلا إلى براعة الفنان تيم باتباع أسلوب وقائي دفاعي عبر تجنب الإجابات المباشرة أي المناورة بالمكان ذاته.‏

أليسا كانت ذكية ومتفهمة لطفولة (نيشان) التي يعاني منها أحياناً بشكل مفرط واستخدمت أجوبة حاسمة وواضحة أي يمكن القول إنها الطرف الشجاع والواضح في تلك المناورات الكلامية وتحديداً في وجه هجمات نيشان الكلامية التي لا تعدو أن تكون أكثر من محاولة إثبات تميز على حساب (اتكيت) المحاورة.‏

طبعاً ليس جديداً أبداً ومطلقاً بأننا لن نعثر على ما يبدو على محاور يتعامل مع أدمغتنا باحترام وأن تكون مسألة احترام الضيف مسألة بديهية لديه وأن التميز لا يكون بالتذاكي المكشوف..?!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية