|
صفحة اولى واستجداء الحوار والتفاوض تارة أخرى، لاحتواء تراكمات الفشل الحاصلة إزاء الكثير من الملفات والقضايا الدولية التي أرادت واشنطن تدوير زواياها في الاتجاه الذي يصب في خدمة أجندة الهيمنة التي تريد فرضها على العالم. سورية لم تغب يوما عن تخيلات المسؤولين الأميركيين وأهدافهم العدوانية، حيث دعم التنظيمات الإرهابية، والأذرع الانفصالية لا يزال يشغل الحيز الأكبر لدى رعاة الإرهاب في البيت الأبيض، وهزائم الإرهابيين من معظم المناطق التي كانوا يحتلونها لم تدفع إدارة ترامب لإعادة مقارباتها وحساباتها الخاطئة، وإنما البحث عن أساليب جديدة تحاول من خلالها تثبيت تموضعها الاستعماري عبر مرتزقتها وأدواتها الإقليمية والدولية.. وعودة الحديث الأميركي عن استعداد دول «التحالف الأميركي» لتحل مكان القوات الأميركية المحتلة على حد قول المبعوث الأميركي الخاص جيمس جيفري، هو هروب إلى الأمام لمحاولة تجنب المزيد من تداعيات الفشل، مع إدراك أميركي واضح بأن الأداة التركية ستواصل تأدية دورها الوظيفي بدعم الإرهاب في منطقة خفض التصعيد خلال الفترة القادمة، ولا سيما أن مرتزقة «قسد» ربما تفوقوا بجرائمهم على مشغلهم الأميركي في الجزيرة السورية. ومع الفشل الأميركي المتراكم، تلجأ إدارة ترامب اليوم للنفخ في أبواق استعراضية لإرضاء الداخل الأميركي قبيل بازار الانتخابات الرئاسية القادمة، فرغم النتائج العكسية التي أفرزتها «ورشة البحرين» والرسالة الواضحة بأن سياسة الإملاءات والتهديد والوعيد لن تترجم «صفقة القرن» على أرض الواقع، حتى وإن غاص الأعراب حتى أذنيهم في مشاريع التطبيع المجاني مع العدو الصهيوني، إلا أن ترامب الذي اعترف ضمنيا بفشل مؤامرة العصر قبل الكشف عن شقها السياسي، يواصل العزف على وتر الوهم، ويمني نفسه بتنفيذ «الصفقة» سيئة الذكر في عهده الرئاسي، أو أنها لن تحصل أبدا، وهذا ما سيكون عليه الحال بشكل حتمي، لأن إرادات دول محورالمقاومة أقوى بكثير من ترسانات ترامب العسكرية، وجعجعة أعرابه المتصهينين. والدفع الأميركي المستميت لعسكرة الخليج، وجرجرة الحلفاء الغربيين لإرسال أساطيلهم لمواجهة إيران بحجة حماية ناقلات النفط والملاحة البحرية، لم تنفع إدارة ترامب، وإنما كشفت عجزها الذي يتجلى بشكل واضح في الاستجداء الأميركي المتواصل للحوار والتفاوض مع إيران، من دون أي شروط مسبقة، وتحت أي صيغة كانت، وهذا ينطبق كذلك على التراجع الأميركي اللافت في الحرب التجارية مع الصين، فرغم سقف التهديد المرتفع إلا أن بكين تكسب المعركة، و»هواوي» سيتم رفعها قريبا من قائمة ترامب السوداء نزولاً عند الرغبة الصينية، ولا ريب أن أميركا ستجد نفسها فيما بعد مضطرة للنزول عن «الشجرة» في الكثير من المواقع عندما تجد «السلالم الآمنة» التي تحفظ ماء وجهها. |
|